أثناء فترة الدراسة ، كان ينتابنا نحن الطلبة الذكور نوع من الإحساس بأن الشقاوة والمشاغبة في المدرسة تقتصران علينا فقط ، لم نكن نتصور حينها ان الطالبات لديهن نوع من أنواع المشاغبة ولكن بصورة أقل منا ، كان الاعتقاد السائد بأنهن ناعمات دلوعات ينطبق عليهن الأغنية التي غنتها سعاد حسني "البنات البنات ألطف الكائنات ؟ " ، بعدها علمنا أن شقاوة الفتيات لم تكن تقل شقاوة عنا في بعض الأحيان .
عند الصباح وقبل بداية الطابور الصباحي تتوزع الطالبات على المكان المخصص لكل فصل ، المجتهدات في أول الطابور ، والمشاغبات يقفن في وسط الطابور في بعض الأحيان كي لا يتم اكتشافهن ، أما الطالبات اللواتي لا من هذا ولا من ذاك فيقمن في آخر الطابور ، كان الطابور فرصة عظيمة لتنفيذ العقاب على الطالبات اللواتي يخرقن النظام أو قمن بأفعال شنيعة على مستوى المدرسة .
كان يتم التفتيش على نظافة الطالبات بداية من الأظفار واليد بصورة شبه يومية ، صبغ الأظفار والحناء كان من المحرمات وممنوع ممنوعا منعا باتا إلا في حالة وجود مناسبة مثل زفاف أو غيره ، وإلا فالعقاب حاضر وموجود رغما عن التوسلات والدموع ، أما التفتيش على الشعر فغالبا ما كانت تقوم الممرضة في الصفوف باستخدام قلمين لفرق شعر الرأس ، وفي بعض الأحيان كان يتم التفتيش عشوائيا أثناء الطابور الصباحي ، لحظتها يتحول الموضوع إلى فضيحة عندما يتم اكتشاف القمل والصيبان في رأس عدد من الطالبات ، ليتم عزل وتوزيع أدوية مكافحة القمل عليهن و يا فضيحة ما بعدها فضيحة .
تعامل المعلمات مع الطالبات لا يختلف عن تعامل المعلمين مع الطلبة ، أسلوب يختلف من معلمة إلى أخرى ، ما بين الشدة واللين ، والضرب واستعمال الكلمات الجارحة وغيرها مثل تحفة وديكور وجزمة التي لابد أن تكون من ضمن القاموس اليومي الذي تسمعه الطالبات .
كان العقاب على عدم أداء الواجبات دستورا يجب تنفيذه ، قد يكون الضرب بالمسطرة الخشبية على اليد ، وقد تخصم الدرجات مع مجموعة محددة من الشتائم ، وقد تصرخ المعلمة بأن الجدار يحتاج إلى قليل من الديكور بوقوف عدد من الطالبات قرب السبورة أو بجانب سلة المهملات ..
يتبع