قمت ذات مرة بزيارة مدينة تقع في أحد أصقاع العالم التي استغرق الوصول اليها قرابة 40 ساعة ما بين وقت الطيران وزمن الترانزيت داخل المطارات . منذ الوهلة الاولى بعد الوصول شد انتباهي رخص الاسعار بشكل ملفت جدا للنظر . من اسعار التاكسي و سعر البترول و المواد الغذائية و حجوزات الفنادق وغيرها . بالرغم من ان توفير البضائع لتلك المدينة يستغرق اياماً طويلة من أقرب ميناء , الاسعار تقريباً 60% من سعرها الاصلي بعاصمة تلك الدولة .
لدى سؤالي لأحد اصحاب الدكاكين هناك عن السر أجاب بأن الحكومة تدعم هذه المنتجات نتيجة البعد الشديد عن الدولة الام . وهنا يتبين دور التجار في مواكبة توجهات الحكومة في ازاحة العبء عن كاهل المواطنين .
نفس هذه الدولة قامت قبل مدة بحسم جزء من الضرائب تعاد سنوياً للمواطنين بمعدل 700 ريال تقريباً لكل مواطن . فماذا عمل التجار ؟ حافظوا على اسعارهم ولم يقوموا بزيادتها بالرغم من أن قانونهم التجاري يجيز لهم ذلك . أفادني أحد أصحاب الاعمال هناك بأن المحافظة على الاسعار أدت الى انتعاش التجارة في تلك المنطقة نتيجة السيولة الزائدة في جيوب السكان .
للمقارنة فقط . تلك المدينة تبعد عن عاصمتها 5432 كيلومتر . وتبعد 2391 كيلومتر عن اقرب مدينة حدودية . أي ان المسافة خارج النقاش عندما يتعلق الامر بنقل البضائع براً نظراً لإنقطاع الطرق في بعض الاماكن نتيجة الوعورة الشديدة للتضاريس .
الامر يطرح التساؤل هنا في مدى الاهتمام بسكان المناطق المعزولة و المقارنة بين تلك الدولة المرتفعة الضرائب و دولتنا المنتجة للنفط .
فهل هناك ما يعيق ان نحذوا حذوهم ؟
المفضلات