تبيض الحشرات لتتكاثر, وحين يفقس بيضها تخرج منه ديدان صغيرة تسمى " يرقات " . لفترة قصيرة تأكل اليرقات أوراق النباتات أو ثمار الأشجار بشراهة ,ثم تمتنع عن الطعام وتعتزل العالم . خلال عزلتها تدفن بعضها نفسها بالأرض أو في شقوق بجذور الأشجار, وتعد بعضها كرات من طين أو شرنقات من خيوط لتختبئ داخلها .
بعد فترة تخرج للعالم من جديد كحشرات أو فراشات مكتملة .
يحاول الإنسان دائما التخلص من الحشرات والقضاء عليها , كي لا تدمر يرقاتها مزروعاته أو تفسد عليه ثمار أشجاره. من بين الأنواع العديدة للحشرات , لا يعني الإنسان بغير رعاية يرقات رمادية اللون تتغذى على أوراق أشجار التوت , ومن أجلها يزرع الأعداد الهائلة منها ! يربي الإنسان يرقات الحرير أو (دود القز) ليحصل على الشرنقات التي تعدها لنفسها قبل أن تدخل عزلتها .
حين ترغب (يرقة الحرير ) في اعتزال العالم , تخرج عبر فتحة ضيقة أسفل فمها سائلا لزجا , يجف حين يلامس الهواء , ويتحول إلى خيط ناعم ورفيع , لثلاثة أيام , تستمر اليرقة في إخراج خيطها , وهي تحرك رأسها في كل الاتجاهات ليلتف حولها .بعد أن تكمل إعداد شرنقتها تعيش بداخلها لأسبوعين وحيدة وساكنة , خلال هذه الفترة يجمع الإنسان شرنقات الحرير , ويضعها في حمامات من البخار الساخن لينهي حياة يرقاتها . ثم يفك خيوطها وينسج لنفسه منها الأقمشة الحريرية الناعمة .
أما إذا تركت الشرنقة وشأنها فسوف تذبل اليرقة بداخلها , وتتحول ببطء إلى فراشة ضعيفة ومبللة.ولابد أن تخرج للهواء الطلق لتجفف جسدها , وتضع البيض الذي يفقس فيما بعد أبنائها . إنها لا تملك أسنانا أو مخالب لتمزق جدار شرنقتها , بل لها عينان دقيقتان مغلفتان بطبقة صلدة ذات نتوءات حادة وقاطعة ! وحتى تخرج الفراشة من شرنقتها تبلل بلعابها بقعة صغيرة من جدارها ,ثم تستخدم إحدى عينيها لحك وبرد خيوطها . وقليلا قليلا يتمزق الخيط ويظهر بجدار الشرنقة ثقب تخرج منه الفراشة . بعد أيام قليلة تضع بيضها وتموت , لتبدأ من جديد دورة أخرى لحياتها .
من المثير للدهشة أن يستولي الإنسان على بيوت يرقات القز الصغيرة ليصنع منها لنفسه الأقمشة والملابس الحريرية الفاخرة . لكن الأكثر طرافة ودهشة أن هذه الفراشات الرقيقة والضعيفة , التي لا تملك أسنانا أو مخالب , تستخدم أعينها كسكاكين ومبارد لتخرج من سجنها الذي وضعت نفسها فيه !
المفضلات