*** العفو صفة من صفات الله ***
فهو سبحانه وتعالي العفو كما قال جل شأنه ( إنّ الله لعفو غفور ) وقال عز وجل :
( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) ،
إن الله عفو رغم قدرته الكاملة علي الأخذ والعقاب ، قال تعالي ( إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً ) .
ثم عظم الله تعالي أجر العافين فقال سبحانه : ( فمن عفا وأصلح فأجره علي الله ) . وكم عفا الله عن ذنوبنا ومحا من خطايانا فهو سبحانه يتودد إلي عباده وخلقه ) ،
ويوم القيامة والعباد وقوف ينظرون ينادي الملك جل جلاله نداء يسمعه الخلائق ، ينادي العافين عن الناس ، فقد روي الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
( من كظم غيظاً وهو قادر علي أن ينفذه دعاه الله علي رؤوس الخلائق يوم القيامة حتي يخيره من أي الحور شاء ) .
ما أعظمه من تكريم ، نسأل الله أن يجعلنا منهم .
*** العفو صفة من صفات الأنبياء ***
فهذا يعقوب عليه السلام يحرمه أولاده من ولده يوسف الذي تعلق به لصغر سنه وتسببوا في جرح قلبه وبياض عينيه ثم لما جمع الله بينه وبين أبنائه قال أبناؤه : ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين ) فقال : ( سوف أستغفر لكم ربي إنّه هو الغفور الرحيم ) ..
ولعل الأذي بلغ بيوسف عليه السلام من إخوته منتهاه فقد حرموه من أبيه وهو طفل صغير ثم ألقوه في غيابة الجب ولم يراعوا صغر سنه ، ثم بيع عبداً رقيقاً ، ثم حرم من أعظم نعمة وهي نعمة العلم من أبيه النبي يعقوب ، ثم دخل السجن بلا ذنب وكل ذلك يرجع إلي ذنب إخوته ورغم ذلك لما وقفوا أمامه قالوا: ( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنّا لخاطئين ) فكان رده عليهم :
( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ).
أما نبينا محمد صلي الله عليه وسلم فلقد ضرب أعظم المثل في العفو ،فهذه قريش آذته وضيقت عليه وأخرجته فلما مكنه الله منهم وعلي رؤوسهم أكثر من عشرة آلاف سيف قال لهم يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم فقال لهم سوف أقول لكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء ،
وقد عفا صلي الله عليه وسلم عن المرأة التي وضعت له السم في الشاة وهي يهودية كما في البخاري ، وعفا عن اليهودي الذي آذاه بالسحر ( صحيح مسلم )،
وعفا عن المشرك الذي اخترط سيف النبي صلي الله عليه وسلم ورفعه عليه وهو نائم وقال : من يعصمك مني الآن ؟ فقال : الله فوقع السيف من يد المشرك فأمسك به النبي صلي الله عليه وسلم وقال له : من يمنعك مني ؟ فقال الرجل يا محمد كن خير آخذ فتركه ( البخاري ).
وكذلك عفا النبي صلي الله عليه وسلم عن الأعرابي الذي بال في المسجد بعد أن هم به الصحابة فقال لهم : دعوه ثم دعا بسجل به ماء فصبه عليه ( البخاري )..
المفضلات