[

(( إنبعاث النور ))




حدَثٌ عظيمٌ في ميادينِ العَرَبْ
والكوُّنُ يرقُبُهُ ملياً عنْ كَثَبْ

في ليلةٍ زانَ السماءَ نُجومُها
والبدرُ مبتسمٌ يناغيهِ الأدبْ

والرُوحُ يَعجَبُ مِنْ سنا أنوارهِ
ذاكَ الحبيبُ فأينَ يارُوحُ العجبْ؟

ولِدَ الحبيبُ مُطهراً ومُكَحْلاً
لا غرْوَ أنَّ النورَ منهُ قد احتجَبْ

مِنْ بَطْنِ طاهرةٍ تحلَّتْ بالوفا
لظهْرِ فانية توشَّتْ بالتعَبْ

كُلُّ المراضع جانَبَتْهُ ليُتْمِهِ
خسِرَتْ وكان محمدٌ عِزَّالطلَبْ

فازتْ به مِنْ بينِهِنَّ حليمةٌ
سَعِدتْ به والخيرُ يمَّمَ وأقترَبْ

حَفَلَتْ لها شاةٌ وكان حليبُها
قد جَفَّ من قَحْطٍ وأثارِ النَّصَبْ

وأعشوشبتْ منْ حسنهِ أخشاشُها
والغيثُ أبهْجَها وجانَبَها الكرَبْ

بلَغَ النبيُّ أشدَّهُ وشَبابَهُ
والكلُّ مِنْ فَرْطِ الطهارةِ قدْ أحَبْ

عادَ النبيُّ لمكةٍ يسعى بها
مُتفائلاً وشِعارهُ لا للغَضَبْ

يقضيْ الليالي في حراءٍ وحدَهُ
متفكراً لا يستميلُ إلى الصَّخَبْ

جبريلُ بالوحي المبينِ أتى لهُ
فارْتاعَ منهُ الطوُّدُ والهاديْ احتسَبْ

خَرْقٌ مِنَ العاداتِ لمْ يحفلْ بهِ
ومضى النبيُّ وخوفهُ يبدو غلَبْ

فاستقبلتهُ السَّمْتُ في أحضانِها
نعمَ الكريمةُ لمْ تجربُهُ كَذَبْ

كانتْ خديجةُ كالملاذِ لرَوْعِهِ
رحلتْ وكان جزاؤُها بيتُ القصَبْ

عاشَ الرسولُ لدعْوةٍ قدْسِيَّةٍ
بذلَ النفيسُ لها ولمْ يخشىْ العَطَبْ

ما بينَ مَبعَثهِ وبينَ مماتِهِ
حِلمٌ تحقَقَ لمْ يدنْسْهُ الطرَبْ

ذاكَ الحبيبُ إذا ذكَرْتَ خِصَالَهُ
ظنَّ الجميعُ بأنهُ جِنْسُ الذهَبْ

هُوَ أدَمِيُّ الخَلْقِ لكنْ ريحَهُ
مسكٌ تضوَّعَ إنْ أراحَ وإنْ خَطَبْ

هُوَ هاشميٌّ مِنْ قريشٍ أصلُهُ
هُوَ طيِبُ الأبوينِ أكرَمَنَا حسَبْ

حفِظَ العُلُومَ وفاقَ كلُّ مُعلمٍ
أكرمْ به نثرَ الحروفَ وما كَتَبْ

أُمِّيَةٌ صنَعَتْ رجالاً قادَهمْ
للفتحِ والدنيا ظلامٌ قدْ أكَبْ

هُوَ أحمدٌ أنقى الخلائقَ نيَّةً
فشَكَى لهُ جملٌ وحَنَّ لهُ الخَشَبْ

هُوَ أحمدٌ إنْ كان بينَ صَحَابِهِ
تلْقى التواضعَ بينَ عيْنَيْهِ انسَكَبْ

هُوَ أحمدٌ حازَ الكرامةَ والتُقى
أنعِمْ به مِنْ سيدٍ راقِ النَّسَبْ

صلوا عليهِ وسلِموا طولَ المدى
ما دامتِ الدنيا تسيرُ بها الحِقَبْ

والآلُ والأصحابُ أنوارُ الدُّجى
حازوا الكرامةَ والوجاهةَ الرُّتَبْ

أبو هبة الهاشمي




*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..