اﻻُسر كما هي مستودَع الحبّ والتعاون، فهي مؤسّسة للتربية والتعليم.. والتفاهم بين اﻷبناء واﻵباء مسألة ضرورية للعﻼقة بينهم، وحلّ المشاكل التي تحدث، أو لدراسة اﻵراء والمُقترحات التي يقترحها اﻷبناء.. فاﻹبن لديه أفكار واقتراحات تخصّ دراسته أو عمله أو سفره، أو عﻼقاته بأصدقائه وأقاربه... إلخ. وتولد في نفسه مشاعر وتصوّرات، ومن حقِّه على اﻷبوين واﻻُخوة اﻵخرين أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم لسماع ما يدور في نفسه واﻹصغاء إليه.. ومن حقّ اﻹبن أن يعرض ذلك على والديه، أو بعض إخوته في اﻻُسرة، ليستمع إلى آرائهم، وتقييمهم ﻻفكاره واقتراحاته، ووجهة نظره، ومشاركتهم له في حلِّ المشاكل، أو تحديد الموقف السّليم في تلك القضية التي تخصّه شخصياً، أو تتعلّق باﻻُسرة، أو بأخوانه، أو بعﻼقته باﻵخرين، أو ربّما يعرض الموضوع على أحد الوالدين أو اﻻُخوة، كمشكلة لحلّها وعﻼجها.. وتلك ظاهرة صحِّيّة في اﻻُسرة أن يتحاور أفرادها، ويُفكِّروا في القضايا والمشاكل التي تهمّ أحد أفرادها، ﻻسيما اﻷبناء.. وهذا اﻻُسلوب يعزِّز احترام شخصية اﻷبناء، واﻻهتمام بآرائهم ومشاكلهم ومشاركتهم بصنع القرار المعلِّق بمستقبلهم أو بسلوكهم، أو بالمشاكل التي تواجههم.. كما يؤكّد اﻵباء احترام أبنائهم لهم، وفسح المجال أمامهم للتوجيه واﻹرشاد والمشاركة في الرّأي، أو اﻹعانة بالمال والجهد على تنفيذ المقترحات السليمة، أو حلّ المشاكل التي يواجهها أحد اﻷبناء. وللحوار والمناقشة آداب خاصّة، واﻹلتزام بها يُعبِّر عن سﻼمة الشخصية وقوّتها.. وعند مراعاة تلك اﻵداب يستطيع الجميع أن يتفاهموا، ويصلوا إلى نتائج صحيحة ومرضية. وعندما يبرز الجدل واﻹصرار على الرّأي وإن كان خاطئاً، أو يظهر الغضب واﻹنفعال في الحوار، فعندئذٍ ﻻ يمكن التفاهم، أو التوصّل إلى حلٍّ ناجح، أو اﻻقتناع بالرأي المعروض للمناقشة.. فالتفاهم يحتاج إلى توضيح القضيّة بشكل جيّد، واﻹصغاء إلى آراء اﻵخرين، واﻹستماع إليهم.. والقبول بالرأي اﻵخر إذا كان صحيحاً.. أو التنازل عن الرأي لتحقيق المصلحة اﻷفضل.. وعندما يتوفّر الجوّ السّليم للتفاهم تُحلّ المشاكل، أو يُتّضح ما هو صحيح وأفضل، وما هو ضارّ وسيِّئ يجب تركه واﻻبتعاد عنه.
منقول
المفضلات