مفهوم العولمة وتعريفها
ظهر مصطلح العولمة أولا بالغة الإنجليزية وترجم إلى اللغات الأخرى ومنها العربية وقد جرى تناول كلمات أخرى في اللغة العربية ترجمة للفظ الإنجليزي "Globalization" منها الكوكبة ، والكونية والكنوننة ولكن يبدو الآن غلبة لفظ عولمة على غيره من الألفاظ للدلالة على هذه الظاهرة "" .
والعولمة في اللغة اسم مصدر على وزن " فوعلة "مشتقة من كلمة " العالم " نحو القولبة وهى جعل الشئ في شكل القالب الذي يحتويه، والعولمة تعنى جميع النشاطات الإنسانية في نطاق عالمي ، بمعنى جعل العالم كله مجالا للنشاطات الإنسانية المتعددة
ويعرفها الدكتور بركات مراد (مركزة العالم في حضارة واحدة)أي إعادة إنتاج العالم وفقاً لثقافة واحدة هي ثقافة الجهة صاحبة المشروع وهي تعرف(بأنها تشكيل وبلورة العالم بوصفه موقفاً واحداً، وظهور لحالة إنسانية عالمية واحدة)" ويشير الباحث المصري محمد مبروك العولمة هي تحقيق مصالح النخب الرأسمالية والنخب الحليفة، على حساب شعوب العالم، فالعالم يتم تقسيمه إلى مراكز وهوامش، وكلما ازداد ثراء المركز، ازداد فقر الهوامش، فإذا كان الميكانيزم الأساسي للعولمة هو تعاظم أسعارالمواد الأولية، وكانت الأخيرة هي المقوم الأساسي لثروة الدول الفقيرة، فإن تنامي العولمة، يعني سحق الدولة الفقيرة لحساب الدول الغنية "
وظائف الإعلام العولمة :
تشير الدكتورة عواطف عبد الرحمن في مؤلفها " الإعلامالعربي وقضايا العولمة " إلى أهم وظائف الإعلام العولمى وهى " ":
أولا : في ظل صعود الإعلام السمعبصرى أصبح هو المؤسسة التربويةوالتعليمية الجديدة التي حلت مكان الأسرة والمدرسة والتي تقوم بدور أساسي في تلقينالنشء والأجيال الجديدة المنظومة المعرفية المنزوعة من سياقها التاريخي للقيم السلوكيةذات النزعة الاستهلاكية ومن خلال هذه الوظيفة يمارس الإعلام أخطر أدوره الاجتماعيةالتي تتمثل في إحداث ثورة إدراكية ونفسية تستهدف إعادة تأهيل البشر للتكيف مع متطلباتالعولمة وشروطها .
ثانيا : تقوم وسائل الإعلام باختراق منظومة القيم الثقافيةلدول الجنوب من خلال المسلسلات والأفلام وقد نجحت أمريكا في اختراق الأنظمة الثقافيةلدول الجنوب وقدمت لشعوبها النموذج الأمريكي كغاية مثلى .
ثالثا : تقوم وسائل الإعلام باستقطاب النخب المثقفة للترويج لفكر العولمة وأيديولوجيتها عبر الحوارات التلفزيونية والمقالات والمؤتمرات محاولة منها تهميش الثقافات والسياسات الأخرى ويتم أيضا تكثيف الجهود لمساندة السياسات الاقتصادية الثلاثة الذي يقوم بإدارة اقتصاد العالم " البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية .
رابعا : تشير الدراسات إلى استفادة العولمة من استمرار النظام الإعلامي العالمي الراهن الذي يتسم بالخلل وأوجه التفاوت الخطيرة سواء على المستويات المحلية والعالمية والتي تتمثل في الإنسياب غير المتوازن للمعلومات مع رسوخ الاتجاه الرأسي الأحادي الجانب من الشمال إلى الجنوب من المراكز إلى الأطراف ومن الحكومات إلى الأفراد ومن الثقافة المسيطرة إلى الثقافة التابعة و الدول الغنية تكنولوجيا في الشمال إلى الدول الأفقر في الجنوب .
خامسا : تشير الدراسات إلى تزايد أهمية الأدوار التي تقومبها الشركات المتعددة الجنسيات في الأنشطة الإعلامية والثقافية ويتجلى ذلك في توظيف وسائل الإعلام الدولية والمحلية كأحزمة ناقلة يتم من خلالها ترويج القيم الاجتماعية والثقافية الغربية ونشرها في دول الجنوب .مما يتسبب في إحداث بلبلة واضطراب شديد فيمنظومة القيم المميزة لثقافات الشعوب .
سادسا : يقوم الإعلام بدور أساسي في ترويج السلع والخدمات التي تقدمها السوق العالمية من خلال الإعلانات التي تتضمن محتوياتها قيما وأنماط للسلوك الإستهلاكى تستهدف الدعاية للسلع الأجنبية مما يلحق الضرر بالاقتصاديات المحلية علاوةعلى التأثير السلبي للإعلانات على حرية الإعلام والصحافة في دول الجنوب .
سابعا : تروج وسائل الإعلام العولمية حول مايسمى بالقريةالاتصالية العالمية باعتبارها أبرز ثمار التكنولوجيا المعاصرة والذي يعنى في جوهره إحاطة الجماهير في كافة إنحاء المعمورة بكل مايدور في العالم من أحدث وأفكار وصراعات وانجازات بشرية وان يتم ذلك بشكل يتسم بالموضوعية والتكامل والمصداقية بحيث يخلق معرفةشاملة وحقيقية بما يدور في الكون .
المخاطر السلبية للعولمة
الواقع أن هناك أثارسلبية مختلفة للعولمة سواء على المستوى السياسي والإقتصادى والثقافي ، خاصة في ظل التقدم الهائل لوسائل الاتصال لم يعد من المبالغة القول بأن العالم أضحى قرية صغيرة يمكن للقاطن في أي من أطرافها معرفة ما يحدث في الطرف الآخر ، وهناك دولة واحدة كبرى تنفرد بقيادةالعالم وتمتلك موارد اقتصادية هائلة وتعيش نشوة انتصار فلسفتها وإيديولوجيتها بعد انهزام الإيديولوجية المقابلة مع انهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية وعقيدته الشيوعيةمع الاعتقاد بسمو تلك الثقافة .
وامتنا العربية أدهمتها ظروف العولمة وهى في اضعف حالها بحاجةإلى إدراك مخاطر العولمة وجوانبها السلبية والتنبه إلى مخاطرها المتعددة وأهم هذه المخاطر:
1) المخاطر السلبية للعولمة الإعلامية
أ- انهيار السيادةالقومية للإعلام في ظل انهيار المفاهيم التقليدية حول القومية الحديثة مثل السيادةعلى الفضاء والحدود وصنع السياسات الإعلامية وظهر تقسيمات جديدة للعالم .
ب- اعتماد دول الجنوب بشكل اساسى على البرامج الإخبارية والإعلانات والحوارات والمسلسلات والأفلام خاصة الأمريكية وقد ترتب على ذلك زيادة الهيمنة الاتصالية لدول المركز المتحكمة في العولمة على دول الأطراف .
ج- تدفق الثقافة والمفاهيم والأفكار وعادات وسلوكيات ومعلومات غربية جديدة إلى دول العالم بلا حواجز ولا ضوابط وفى إطار تنافسي تجارى بين الشركات المتعددة الجنسيات .
د- زيادة الفجوة الاتصالية بين الشمال الغنى والجنوب الفقيرعلى مستوى العالم بين الريف والحضر داخل دول الجنوب مما أدى إلى تزايد الخلل في التدفق الإعلامي والمعلوماتى من طرف الشمال الغنى إلى الجنوب الفقير وترسيخ الأنماط التقليديةالسلبية والمتحيزة في سريان وتدفق الأنباء المبتورة المشوهه عن دول الجنوب والتي تعتمدإغفال كافة الإنجازات التنموية التي تحققت في تلك الدول .
ه- تحويل دول الجنوب إلى سوق للاستهلاك الإعلامي والإعلاني نتيجة لتركز تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في دول الشمال .
2) المخاطر السلبية للعولمة الثقافية " "
أ- هيمنة الثقافة الغربية :
معظم الإنتاج الإعلامي والثقافي ومعظم محتوى شبكات الإنترنتهو نتاج غربي امريكى فهي القادرة على استثمار التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال والإعلام، وهذه المنتجات الإعلامية تحمل فكرا محدد وتعبر عن ثقافة معينة من ثقافتهم الخاصة بكل ما تحمله من قيم وعادات وتقاليد وأنماط سلوك ، والغرب هو الذي يسيطر على أغلب القنوات البث الفضائي وعلى محتوى شبكات الإنترنت وعلى أكبر دور الصحف والمجلات ودور النشر ووكالاتالأنباء ، فالعولمة تبدو في المجال الثقافي اتجاه إلى إعادة صياغة العالم وفق ثقافة معينة هي الثقافة الغربية الأمريكية بوجه خاص أي أن العولمة الإعلامية لها تأثير ثقافةهام وهو تسويق ثقافة جديدة مغايرة لثقافتنا الغربية .
ب- زعزعة منظومة القيم الاجتماعية :
ومنظومة القيم الاجتماعية تتمثل في العقائد والقواعد العامة التي وتحرص كل أمة على حماية هذه القيم ووسائل الإعلام العالمية تبث أفكار وآراء وتصورات منافية ومختلفة مع عقائدنا وقيمنا وتترك آثار سلبية في إدراك ووعى ووجدان المتلقيين وبالتالي تشكل خطر على إدراك الشباب ومعتقداتهم الأصلية ووعيهم بقيمهم نتيجة لبث قيمبديلة تشغل عقولهم وفكرهم .
ج- تهديد لغتنا العربية :
وتمثل ملامح هذه الأزمة في الإقصاء المستمر للغة العربية بمظاهر شتى منها : انسحاب اللغة العربية من حياتنا اليومية وفى أجهزتنا الإعلامية الرسميةوالغير الرسمية
وفى ظل ظروف العولمة ستتعمق الأزمة التي تعيشها لغتنا يتم التبشير بالفلسفة الليبرالية الغربية باعتبارها النموذج الأرقى لأسلوب الحياة الإنسانية . ومعظم شبكات الإنترنت تبث بالغة الإنجليزية و بالتالي يؤدى هذا إلى إعلاء شأن اللغات الغربية على حساب لغتنا العربية .
3) المخاطر السلبية للعولمة في المجال السياسي
* إضعاف سلطة الدولة الوطنية
حيث أن التقدم الهائل في الاتصالات والمعلومات فرض واقعاجديدا أصبحت فيه قدرة الدولة على فرض سياج حول نفسها ومجتمعها أمرا مستحيل
* محاولة فرض نظام سياسي معين على العالم :
حيث لابد من الإشارة هنا أن النظام السياسي الغربي حقق لمجتمعاته الخير والفائدة الكبيرة ولكن هذا النظام لايمكن أن يكون مناسبا لكل المجتمعات فكل مجتمعله ظروفه وثقافته الخاصة به والتي لاتتناسب مع النظام الغربي والذي هو ليس هدفه تحقيقالخير والتقدم لباقي المجتمعات بقدر السعي إلى تخلفها وإضعاف نظامها فهو لاينطلق مندوافع أخلاقية .
* محولة إملاء سياسة معينة على العالم :
فمن خلال ترويج وسائل الإعلام لأفكار ومفاهيم ومبادئ حق تقريرالمصير والشرعية الدولية واحترام حقوق الإنسان يتم السيطرة والهيمنة على الدول الفقيرة حيث يتم تطبيق هذه المبادئ وفقا للمصلحة الغربية محاولة منها السيطرة والهيمنة على دول العالم فمن خلال الشرعية الدولية ثم حصار العراق وليبيا والسودان وباسم الشرعيةتم احتلال العراق وغزو أفغانستان .حيث يتم استغلال ظروف العولمة الإعلامية لإملاء سياسات معينة يتم فرضها على العالم لتحقيق مصالح دول كبرى .
4) الآثار السلبية للعولمة في الحياة الاجتماعية ""
أ- الترويج للنمط الغربي من أساليب الحياة والسلوك :
حيث أن لكل مجتمع أسلوب حياته الخاصة ونمط مميز للسلوك ولهعادته وتقاليده ولابد من حصول التأثير والتأثر بين المجتمعات وتلك سنة الحياة ، ويبرزهنا عامل مهم من عوامل التأثير وهو ناتج عن سطوة الأجهزة الإعلامية وتأثيرها البالغ على سلوك الأفراد بما تملكه من وسائل الجدب والإبهار المغرية خاصة القدرات التي تملكهاالشركات الغربية العملاقة و الأمريكية خصوصا حيث تبث مواد إعلامية هي نتاج للواقع الإجتماعى الغربي وتمثل قيمة وتعبر عن سلوك ذلك المجتمع وأنمط حياته وهذه المواد الإعلامية تحملمضامين هدامة منافية لقيمنا وأحلامنا وتكرس قيما سلبية متناقضة مع قيمنا وسلوكياتنا
ب- تعميق التفاوت الاجتماعي :
حيث زادت معدلات الفقر والبطالة في كثير من دول العالم نتيجة لظروف العولمة الإعلامية التي تسوق مفاهيم الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في الشئونالاقتصادية وحتى لو سمحت ظروف العولمة للشركات الأجنبية بالاستثمار للدول الفقيرة لتحسينظروف العمل والعمال فتلك الشركات لايتوقع منها تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية ولنتنمح العمال إلا الحد الأدنى من الأجور .
ج- إيقاف الانتماءات الأولية :
حيث أن الظروف التي جاءت مصاحبة للعولمة من إشاعة الديمقراطيةالليبرالية والدعوة إلى حق تقرير المصير واحترام حقوق الإنسان ، قد فتحت المجال أمام دعوات إيقاف الانتماءات الأولية للظهور وأزلت الحواجز التي كانت تحول دون بروزها أوأن إضعاف سلطة الدولة في ظل ظروف العولمة يفتح المجال لاستيقاظ الدعوات لتلك الانتماءاتالتي ربما تكون مكبوتة " ".
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات