كنت صغيرة أرى الدنيا كهدية مغلفة
كنت أراها ابتسامة وجمال
كنت أعشق الأطفال وأنا طفلة بنفسي
كنت لا أراها إلا بعين الجمال والانبهار
لم أك أخشى شيئا
لم أك أبالي
ولم أك أحزن إلا إن لم يعطيني أبي نقودا لأذهب إلى البقالة
لم أك أغضب إلا إن لم تأخذني أمي معها عند جاراتها
أو إن لم تسمح لي باللعب مع صديقاتي لسبب ما
هذا كان كل همي
واليوم كبر همي
صرت أرى بشكل أوسع
صرت أرى ألوانا جديدة في الدنيا
عرفت معنى الفقد
عرفت معنى الحرمان
عرفت معنى المسؤولية
حملت على كاهلي أشياء أثقل
عرفت أن الأولاد هم في الحقيقة ابتلاء من الله
عرفت أن الأموال هي ابتلاء أشد من الله
عرفت الكثير ولا أزال أجهل الأكثر
ليست الكتابة في هذا الموضوع ممتعة كما كنت أتصور
فقد أرهقت عقلي بالتفكير وتوافدت إليه ذكريات سقيمة شتى
الدنيا..ابتلاء عظيم أكبر من حجم أكبر ابتلاء نواجهه فيها
الدنيا .. سجن لمن فهمها وسعى لله فيها لكن هذا السجن ستهون نكباته لأن سجينه يعرف السبيل ويعرف المصير وسعى في ذلك السبيل وسابق إلى ذاك المصير..فالمعرفة في حد ذاتها لا تكفي ولاتغني.. فالفوز الحق في السير على سبيل الله وصولا إلى جنات النعيم .
نعم.. فطوبى لمن سعى بجد لأنه يريد شيئا عظيما...طوبى لمن لم يستسلم للمغريات ,للشهوات, للحواجز والصعوبات
وهنيئا لذاك الذي ساح مع وادي الهوى وانجرف مع تيارات الغواية.. هنيئا له على تفريطه, غفلاته, استهانته بأشياء لا يستهان بها.. أهنيه لأنه أشبع نفسه أو لربما لم يكتف بعد ..ربما هو يتوق للمزيد بعد...ولايزال يطمح للمزيد ..بئس الطامح وبئس الطموح..حقق ما يريد لنفسه في الدنيا الفانية ثم ماذا.. في الآخرة أين الملاذ يا ترى؟وما الجواب يا ترى؟ لم الأمان من مكر الله؟ لم الأمان من موت البغتة والغفلة؟ لم التهاون؟ لم التكاسل؟ لم اللامبالاة؟..
كم هي كثيرة هذه المقالات .. وكم هي متنوعة في هذا المجال المحاضرات..ولكن..هيهات هيهات ..أين الآذان الصاغية.. وأبن القلوب الواعية..وأين الرغبات السامية والغايات العالية؟
ألم يحن لتضع خطا احمرا لنفسك وتصرخ بوجهها كفى؟ ألم يحن أن ترفع يدك ضدها وتنهيها عن الهوى؟ أيا ترى إلى متى ستظل على هذه الحال إلى متى؟
دعني أخاطبك بضمير المخاطب فما زال لدي الكثير لأقوله ولكني أعلم بأني لن أوفي حق حنقي الليلة ولا ليلة غد ولا التي بعدها
أنت تتمتع بصحة عظيمة ..تتمتع بجميع الحواس ..تتمتع بنعمة العقل.. ولكن ما الشيء الذي يذكر حقا في أنك استغللت هذه الحواس استغلالا سليما واستثمارا مثاليا فيما يرضي الله.. غيرك الملايين لا يملك ما تملك من نعمة الصحة ..فهلا قلت الحمد لله..ليس الآن فحسب..بل رددها كل حين..تخيل نفسك تقوم من النوم وقد أخذ الله منك نعمة البصر.. كيف ستتغير حياتك ..وكيف ستكون أحوالك؟؟خذ دقيقتين فقط..وتخيل.. لتشعر بالنعمة التي أعطاك أياها الله دون أدنى مقابل.
نعمة الصحة هي نعمة عظيمة بلا شك ولكنها جزء لا يتجزأ من نعم الله عليك .. نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى قد من الله عليك بها بلا ثمن منك.. فكيف تجابه الإحسان بالعصيان؟
إليك نصيحة مني وضعها نصب عينيك ..كلما هممت بفعل معصية تذكر الموت..تذكر القبر ..تذكر النار.. واشغل نفسك بشي آخر..عاند نفسك فيما تهواه واعصها فيما تحب..
نسيم الذكريات*
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات