سحرتني تلك الأزهار الغريبة وأنا طفلة..كنت أطاردها بشغف، اطيل تأملي وانبهاري بها؛
كأس أخضر.. وريقات حانية تحمل زهرة مجموع من زهيرات صغيرة ملــونة كريش عصفورة..مزروعة على جانبي الأسفلت في الطرقات ..
تلقي عليها بظلالها علها تسلب منه تلك القسوة الظاهرة عليه.. وكنت أنا أعشقها.كنت أتعمد المرور في كل المساحات الخضراء المزروعة..
رغم أن الطين كان يزعجني عندما يلوث حذائي خاصة لو كانت الحديقة مروية لكن عندما كنت أخطــو فيه ويصل إلى أنفي رائحة الطين الأصيل البارد فتنتشي أحاسيس خضة بكر..أما الأسفلت فكنت بحق أمقته.. صلباً ساخناً..
كثيراً ما أتعثر فوقه فاسقط سقطات قاسية لا أجد فيها حولي يد أبي أو أمي تنتشلني وتخفف عني..
وكان ينتهي بي الأمر دوما أن أذهب لأمي وهي تجلس في مقعد داخل الجانب المزروع لأريها جرحي المؤلم وشرابي الذي قطع من سقطتي فوق الغطاء القاسي.
فكنت كلما سرت على الأسفلت أمد يدي وأفتح ذراعاي لتتلمس طول سيري مذاق تلك الزهرات الحانية على جانبي الطريق وأتابعها حتى تنسيني قسوة ما أخطو عليه وكنت عندما نمشي سويا لنغادر الحديقة للبيت.. أسير خلفهم جميعا..أقطف تلك الزهرات الصغيرة من كل زهرة وأجمعها سريعا في يدي كومة ثمينة.. أبثها مما يفيض بداخلي.. وأقترب اقترب من أبي وأمي
ثم أنثرهم في السمــاء لتسقط عليهما..
ملونة أبيض أحمر وأصفر..كنت أشعر بسعادة بالـــغة..
يلهو الفرح في قلبي كأنني أقذف بالونات في الهواء.. أو اطلق سرب حمام أبيض طليقا في الأفق..
وكنت أتابع سقوط الأزهار عليهما..
أود حينها لو تنبت في كل مكان سقطت فيه زهرات وزهرات تمحو طريق الأسفلت..أو حتى على الأقل تخفيه حتى إذا مر أحد بعدي وخطا محل خطواتي,, شغلته متابعة الزهيرات وبثته شيئاً من حنان..طاقة حنان وحب..
وودت لو غمرت كل ما فيالكـــون فتمحو بسحر تأثيرها ذلك الكساء القاسي الذي يقيد طريقنا في الحيـــــــــاة..أو تمنحه قبسات من نــــور تنير الطريق
ومرت السنون وغابت تلك الأزهار بعدما أصابت أعمال التحديثات الطريق بأكمله..
وسرت أبحث اعواماً.. في كل حديقة وزرع في شغف عنها.. واليوم! وجدتها..طريق مزروع جانبيه بتلك الزهرات الحانية فامتدت يداي سريعــــاً دون أن افكر لأقطفها..
لكني ترددت مليــــاً..
نظرت إلى كفاي المفرودتان أفكر تراني ماذا أنثر على من حولي الآن....؟!!!
أمازلت اجمع أكوام ثمينة من حـــب وحنـــان ونــــور في كفي التي لا تزال صغيرة؟
أمازلت أترك طريق سيري منيراً لمن يمر بعدي؟
امازلت أملك تلك الطاقة من الحب والحنان والنور؟
ألا تــــزال شعلتها متقدة؟وسرت في ذلك الطريق وروح طفلة اشتاقت لذر النور في كل زوايا الكون قد خرجت من مخبأها بعد غيــــاب..
وكفاها مجتمعان.. مــــرةأخرى .
المفضلات