لقد طالعتنا قبل عدة أيام الصحافة العمانية بالبيان الصادر عن المؤتمر الذي عقده مركز القبول الموحد بمناسبة إفتتاح باب التعديل في رغبات طلبة دبلوم التعليم العام للإلتحاق بمؤسسات التعليم الجامعي للعام الأكاديمي 2014/2015م وقد استوقفتني في هذا البيان تلك البيانات الإحصائية حول نسبة الطلبة غير الناجحين في الدور الأول والذين يمثلون المكملين للدور الثاني والراسبين وذلك للفئة العمرية (16-25سنة) حيث كانت على النحو التالي:
- المجموع الكلي للمتقدمين من هذه الفئة العمرية= 56523 طالب وطالبة
- مجموع المتقدمين الناجحين في الدور الأول= 34449 طالب وطالبة
(15081 ذكور – 19368 إناث)
- مجموع المتقدمين غير الناجحين في الدور الأول= 22074 طالب وطالبة
(18253 ذكور – 3821 إناث)
وبتحليل المعلومات الإحصائية الواردة أعلاه فإن أهم مؤشر يمكن ملاحظته يتمثل في الإرتفاع الكبير جدا في نسبة الذكور غير الناجحين (الراسبون والمكملون) مقارنة بالإناث وهذا في حد ذاته يشكل رقما مخيفا في مؤشر القراءات الإحصائية مما ينذر بوجود مشكلة لا يمكن الإستهانة بها في مجال التعليم بالنسبة لمتغير جنس الطلبة (ذكور-إناث). ومع إن التفاصيل الجزئية التي قد تؤثر على دقة القراءة الإحصائية للأرقام الواردة في البيان لا يمكن تجاهلها ومن ذلك نسبة الراسبين بتعليم الكبار من الذكور مقارنة بالإناث وأعداد المتغيبين والمكملين منهم لكون الأرقام الإحصائية لمركز القبول الموحد قد تضمنت هذا النوع من الدراسة بالإضافة لمحدد الفئة العمرية (16-25) إلا أن ذلك له دلالة إحصائية محدودة حيث المشكلة مازالت قائمة وبشكل ملحوظ على مؤشر الإنجاز بالنسبة للطلبة النظاميين من مخرجات الدبلوم العام للعام الدراسي الحالي حسب المحصلة النهائية لنتائج تقويم تعلمهم للدور الأول فقد حقق الذكور متوسط نجاح 4‚69% بينما الإناث 7‚91% هذا على المستوى العام فكيف هو الحال بمستوى التفوق؟! كما أن أدوات التقويم التكوينية التشخيصية كالاختبارات الوطنية والدولية بالإضافة إلى واقع مؤشرات الإنجاز التحصيلي التجميعي للطلبة النظاميين في مختلف الصفوف الدراسية تؤكد التقدم المستمر للمستوى الدراسي للطالبات مقارنة بالطلاب مع تزايد هذه الفجوة في السنوات الأخيرة. وقد أكدت نتائج اختبارات الدراسة الدولية تيمس 2011 هذه الفروقات وأشارت بأن السلطنة ضمن قائمة الدول المسجلة لأعلى مستويات التباين في الإنجاز بين الذكور والإناث من بين الدول المشاركة حسب المقياس المعتمد في هذه الدراسة حيث سجلت المتوسطات التالية:
· الصف الرابع
رياضيات (إناث= 389 , ذكور= 372)
علــــوم (إناث= 394 , ذكور= 361)
· الصف الثامن
رياضيات (إناث= 396 , ذكور= 334)
علــــوم (إناث= 458 , ذكور= 380)
وتمثل هذه الأرقام مستويات عالية جدا في معدّل التباين بين تحصيل الذكور والإناث مقارنة بالمعدل الدولي الذي سجلته نفس الدراسة.
ووفق مؤشرات التباين الكبير في التحصيل الدراسي لمخرجات الصف 12 بالنسبة للطلبة الذكور والإناث في السنوات الأخيرة فإن السؤال الذي قد يتبادر لدى الباحثين المهتمين بدراسة هذه المواضيع يتلخص في الآتي:
"على الرغم من أن المقررات الدراسية واحدة والنظام التقويمي هو نفسه لكلا الجنسين وبرامج إعداد وتدريب المعلمين والمعلمات والهيئة الإدارية قبل وأثناء الخدمة مشتركة كما أن التسهيلات والمرافق المدرسية متساوية في مدارس الذكور والإناث، فأين تكمن المشكلة التي ساهمت بشكل أكبر في حدوث هذا التباين الخطير في محصلة التحصيل الدراسي للطلاب والطالبات بعد 12 سنة من تعلمهم؟"
سؤال يحتم على وزارة التربية والتعليم أن تعلن حالة الطوارئ لتقييم جميع مدخلات وعمليات نظامها التعليمي في أسرع وقت ممكن قبل استفحال المشكلة المتراكمة منذ فترة ليست بقصيرة والمؤثرة على التوازن المعرفي والإنجاز الدراسي للمخرجات التعلمية. إن الجهود المؤملة لا يجب أن تقتصر على تحديد أسباب المشكلة فقط كما هو معهود من مثل هذه الإحصائيات في مجال التحصيل الدراسي حيث أغلب الأسباب أصبحت معروفة لدى العاملين في الحقل التربوي وإنما يجب أن توجه إلى إنتاج حلول إجرائية لإجتثاث المسببات من جذورها وفق خطة عمل شاملة تأخذ في الاعتبار جميع عناصر الهيكل التنظيمي للمؤسسة التعليمية والعوامل المدرسية والمجتمعية المؤثرة على إتساع الفجوة في مستوى التحصيل الدراسي بين الطلاب والطالبات. كما يجب الإفصاح عن جميع البيانات الإحصائية بكل شفافية مع إشراك المؤسسات الأكاديمية والبحثية الوطنية للاستفادة منها في إجراء الدراسات النوعية للوصول إلى استنتاجات علمية وتفصيلية لواقع المشكلة وأفضل الحلول الإجرائية لها ولا يجب أن نعوّل دائما على بيوت الخبرة الدولية لإكتشاف وحل مشاكلنا التعليمية.
والله ولي التوفيق
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات