السلام عليكم جميعا في هذا اليوم المبارك
وهنأكم الله بالعيد السعيد.. طابت أيامكم وبوركت أعماركم وتزكت أعمالكم
طلع علينا فجر هذا اليوم يُلبِس الكون ضياءه ودفأه، ومعه كنا نهيئ أنفسنا ونلبس شيئا فشيئا شعور يوم العيد.. محاولين أن نجتر بعض الذكرى من الزمن الجميل يوم كان للعيد طعم مختلف..
تطلع الشمس وننساق إلى المصلّى، مع التكبير في المصلى وفي انتظار الصلاة والخطبة، أحاول أن أستشعر معنى العيد وأنغمس في الإحساس أكثر.. أفكر أكثر لماذا فرض الله على المسلمين العيدين، وماذا أراد لنا من نعمة.. تأتي الصلاة وتنقضي.. ثم يقوم الإمام ليخطب فينا.. مما يسمى براعة الاستهلال في الخطبة عرفت أنه سيكون ثمة حديث عن الشكر لله والحمد على النعم.. وهكذا كان
جاء كلام عن أن النعم إن شكرت زادت وإن كفرت زالت، وكان الشاهد هو الحديث عن أهل سبأ الذين ذكرهم القرآن كانوا في نعمتين: الأرزاق والأمان، فنسوا المنعم فدمرهم الله بسيل العرم.. ثم ذكر القرية التي كانت آمنة فكفرت فأذيقت لباس الجوع والخوف .. ليخلص الخطيب إلى القول: (فَالوَاجِبُ عَلَيْنَا الشُّكْرُ عَلَى مَا أَوْلانَا اللهُ مِنْ نِعَمٍ، وَأَنْزَلَ عَلَينَا مِنْ فَضْـلٍ، وَتَكَرَّمَ عَلَينَا مِنْ خَيْرٍ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ النِّعَمُ بِاستِحقَاقٍ لَنَا، بَلْ هِيَ مَحْضُ فَضْـلٍ إِلَهِيٍّ عَلَينَا..)الخ
ولا تخطئ أي أذن خبيرة وهي تسمع ما المقصود من ذلك الكلام؟!
هل العمانيون - يا كُتّاب خطب الأوقاف بالأجرة - هم كأهل سبأ؟ مهددون بزوال النعمة لأنهم كفروها؟! هل كفرنا النعمة فعلا حين خرج بعض المظلومين والمقهورين ليطالبوا بحقوقهم.. إن الكفر يزيل النعمة كلام حق، ولكن إن كنتم تغمزون المواطنين المطالبين بحقوقهم فهذا باطل..
أنا شخصيا لم أفهم إلا هذا، حين تطالبنا الخطبة بأن لا نكون كأصحاب سبأ ونكفر النعمة حتى لا تزول عنا نعمتان ( الرزق + الأمن والأمان)!! أنا لا أفهم إلا أن المقصود : أن نسكت ولا نتكلم ولا نتحرك للمطالبة بحق لأن هذا كفر بالنعمة وهذا يهدد أن تنقطع نعمة الرزق ونعمة الأمن والأمان!!
إني لا أقول هذا الكلام من وحي الساعة، ولكن لتجربة طويلة لنا مع خطب وخطباء الأوقاف.. فلا زلت أذكر الكثير من الدس الذي يدس في هذه الخطب، يقال كلام هو حق.. ويستشهد له بكتاب الله، ولكن القصد منه خبيث .. بل فيه كثير من الدناءة..
لا زلت أذكر إلى اليوم خطبة من خطب الأوقاف بعد الأحداث والاحتجاجات بدأ الكلام فيها جميلا عن حرمة ترويع الآمنين، وشدة العقوبة على الذين يقلقون الأمن، وذكر عقوبة (حد المحاربة) : (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض).. لينتهي الأمر بإشارة واضحة إلى أن المتظاهرين حكمهم كحكم المحاربين الذين نصت عليهم الآية!!
ولا زلت أذكر كذلك في النصف الثاني من العام 2005 حيث حصل غلاء في الأسعار وبدأت بكثرة الأحاديث والتململ والتبرم من المواطنين.. وكثر الحديث عن شخصيات بعينها.. وعن تنعم فئات معينة وتحكم أشخاص معينين بأرزاق الناس.. جاءتنا تلك الأيام خطبة عن القناعة، وكثر فيها الحديث عن فضل القناعة وضرورة النظر إلى من هو دوننا في الرزق، وعدم الالتفات إلى غنى الغني لأن ذلك من الحسد المذموم، وتحمل مشاق الحياة بالقناعة ووو الخ من الكلام السلبي المثبط والمحبط الذي ظاهره فيه الرحمة وباطنه العذاب!!
لم تخطئ أذني أن هذه من خطب الأوقاف التي لا تكاد تسمع لها خطبة تلامس الواقع.. وإن لامست الواقع فبقدر ما تغمز جانب المواطن انتصارا للحكومة .. فذهبت لأتأكد من موقع وزارة الأوقاف فإذا هي فعلا الخطبة الرسمية لعيد الأضحى!!
نصيحتنا لكم يا وزارة الأوقاف أن تخافوا الله حقا وليس على نمط وصاياكم بمخافة الله، فهذا النوع من الكلام يدعو إلى مخافة الله حين تكون تلك المخافة والتقوى تؤمن الحكومة وبعض جهاتها من السخط.. يدعى إلى تقوى الله حين تكون تلك التقوى تردع عن الاعتراض على شيء من تصرفات حكومتنا..
كان من الأولى وأنتم تكتبون عن شكر النعمة.. أن تتحدثوا عما من الله به على البلاد من إصلاح للفاسد وإقامة للمعوج، ووجوب أن يشكر الناس هذه النعمة ويضعوا أيديهم سواء بسواء ليحاسبوا المفسد، ويرفعوا المظالم، ويصححوا الأخطاء.. ليكونوا ممتثلين لحديث الرسول المصطفى: (لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ)
..
إن الناس يفهمون فلا تستغفلوهم.. ولا تسخروا كتاب الله ومنابر العبادة لتدجين المواطن.. فهذه لعبة سمجة .. والناس حتى العوام يفهمون هذا الغمز ويتضايقون منه ويزيد في غليان المرجل .. فكفوا عنا
المفضلات