علم المعاني : هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال أي المقام. فتختلف صور الكلام لاختلاف الأحوال , مثال ذلك قوله تعالى:] وأنا لا أدري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً[ . فإن ما قبل ( أم ) صورة من الكلام تخالف صورة ما بعدها , لأن الأولى فيها: فعل الإرادة مبني للمجهول , والثانية فيها: فعل الإرادة مبني للمعلوم , والحال الداعي لذلك نسبة الخير إليه سبحانه وتعالى في الثانية , و منع نسبة الشر إليه في الأولى . و موضوع هذا العلم : اللفظ العربي من حيث إفادته المعاني الثواني, أي الأغراض التي يساق لها الكلام من جعل الكلام مشتملا على تلك الخصوصيات. وفائدته: معرفة إعجاز القرآن الكريم . و واضعه : الشيخ عبد القاهر الجرجاني. و استمداده : من الكتاب الشريف , والحديث النبوي , وكلام العرب.
من كتاب ( البلاغة ) الجزء الأول في علم المعاني والبيان ,المؤلف: عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف – رحمه الله-, دار الحاوي للطباعة والنشر والتوزيع , رقم الصفحة المستمد منها ( 22 و 23 ) ..
أقسام علم المعاني:
u الخبر والإنشاء. v التقديم والتأخير. wالقصر.
x الحذف والذكر y الإيجاز. z الإطناب.
أولا:الخبر والإنشاء: الكلام قسمان : خبر و إنشاء . ( أ ) فالخبر ما يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب , فإن كان الكلام مطابقا للواقع كان قائله صادقا , وإن كان غير مطابق له كان قائله كاذبا. (ب) والإنشاء ما لا يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب .(1).. الخبر : إما جملة اسمية , أو جملة فعلية. فالاسمية :ما تركبت من مبتدأ وخبر, وهي تفيد بأصل وضعها مجرد ثبوت المسند للمسند إليه, وقد يكتنفها من القرائن ما يخرجها عن أصل وضعها فتفيد الدوام و الاستمرار , كأن يكون الكلام في معرض المدح والذم,في قوله تعالى :] وإنك لعلى خلق عظيم [. والفعلية : ما تركبت من فعل وفاعل , و هي تفيد بالأصل وضعها الحدوث في زمن مخصوص مع الاختصار وهي تفيد الاستمرار التجددي بالقرائن.(2) أما الإنشاء فهو نوعين طلبي وغير طلبي . فالطلبي: ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب, ويكون : بالأمر , والنهي , والاستفهام , والتمني , والنداء. وغير الطلبي: ما لا يستدعي مطلوبا , و له أنواع كثيرة منها: التعجب , والمدح , والذم ، و القسم , و الرجاء , وكذلك صيغ العقود..( 3 )


(1) من كتاب (البلاغة الواضحة) تأليف : علي الجارم و مصطفى أمين.دار المعارف. رقم الصفحة المستمد منها: (139)
(2) من كتاب ( البلاغة ) الجزء الأول في علم المعاني والبيان ,المؤلف: عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف – رحمه الله-, دار الحاوي للطباعة والنشر والتوزيع , رقم الصفحة المستمد منها (37)
(3) من كتاب ( البلاغة ) الجزء الأول في علم المعاني والبيان ,المؤلف: عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف – رحمه الله-, دار الحاوي للطباعة والنشر والتوزيع ,رقم الصفحة المستمد منها ( 61 )


ثانيا: التقديم والتأخير:من المعلوم أنه لا يمكن النطق بأجزاء الكلام دفعة واحدة , بل لا بد من تقديم بعض الأجزاء , و تأخير البعض , وليس شيء منها في نفسه أولى بالتقديم من الآخر , فلا بد لتقديم هذا على ذلك من داع يوجبه, و من الدواعي:1- التشويق إلى المتأخر إذا كان المتقدم مشعرا بغرابة, 2- وتعجل المسرة أو المساءة , 3- والتفاؤل والتشاؤم , 4- وكون المتقدم محط الإنكار و التعجب, 5- و ضرورة الشعر , 6- و النص على عموم السلب أو سلب العموم, فالأول يكون بتقديم أداة العموم على أداة النفي, والثاني يكون بتقديم أداة النفي على أداة العموم,7- وإفادة التخصيص,8– والتنبيه من أول الأمر إنه خبر لا نعت.
ثالثا: القصر: تخصيص أمر بأمر آخر بطريق مخصوص , نحو ( لا يفوز إلا بالمجد) فقد خص الفوز بالمجد بطريق مخصوص ,و هو :النفي و الاستثناء. ويسمى المخصوص:مقصورا , والمخصوص به: مقصورا عليه.. وطرق القصر أربع: 1- النفي والاستثناء . 2- و(إنما ), 3- والعطف ب (لا) بعد الإثبات , أو (بل) أو (لكن) بعد النفي, 4- وتقديم ما حقه التأخير .أقسام القصر باعتبار الحقيقة والواقع: 1- حقيقي ,2- إضافي . أقسام القصر باعتبار حال المقصور: 1- قصر صفة على موصوف ,2- قصر موصوف على صفة...
رابعا :الذكر والحذف :إذا أريد إفادة السامع حكما , فأي لفظ يدل على معنى فيه , فالأصل ذكره. و أي لفظ علم من الكلام لدلالة باقية عليه.. فالأصل حذفه , وإذا تعارض هذان الأصلان فلا يعدل عن مقتضى أحدهما إلى مقتضى الآخر إلا لداع من دواعي ذكر المسند إليه: الاحتياط لقلة الثقة بالقرينة, لضعفها أو ضعف فهم السامع , التعريض بغباوة السامع حتى أنه لا يسمع إلا بالصريح, زيادة التقرير والإيضاح , التلذذ به , التبرك بذكره , لكونه مجمع البركات, التسجيل على السامع ...( 1)

هذه الصفحة من كتاب ( البلاغة ) الجزء الأول في علم المعاني والبيان ,المؤلف: عمر بن علوي بن أبي بكر الكاف – رحمه الله-, دار الحاوي للطباعة والنشر والتوزيع , رقم الصفحة المستمد منها ( 144-145 -146) و (150 إلى 153) .

خامسا: الإيجاز:هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل، مع وفائها بالغرض المقصودو رعاية الإبانة والإفصاح عنها. ثم إن الإيجاز على قسمين:1 ـ إيجاز القصر، ويسمّى إيجاز البلاغة، وذلك بأن يتضمن الكلام المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة من غير حذف، كقوله تعالى: (وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كراماً) فإنّ مقتضى الكرامة في كل مقام شيء، ففي مقام الإعراض: الإعراض، وفي مقام النهي: النهي، وفي مقام النصح: النصح، وهكذا.. وهكذا..2 ـ إيجاز الحذف، وذلك بأن يحذف شيء من العبارة، لا يخل بالفهم، مع وجود قرينة. ثمّ أنّ دواعي الإيجاز كثيرة نشير إلى بعضها:1 ـ الاختصار,2 ـ تحصيل المعنى باللّفظ اليسير, 3ـ تقريب الفهم, 4ـ تسهيل الحفظ, 5ـ ضيق المقام,6 ـ الضجر والسآمة,7 ـ إخفاء الأمر على غير السامع. ثمّ أن مواقع الإيجاز الّتي يستحسن فيها كثيرة نذكر بعضاً منها: ـ الشكر على النعم. ـ الاعتذار. ـ الوعد. ـ الوعيد. ـ العتاب. ـ التوبيخ. ـ التعزية. ـ شكوى الحال. ـ الاستعطاف. ـ أوامر الملوك ونواهيهم.(1)
سادسا: الإطناب:هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة. وللإطناب أقسام كثيرة:1 ـ ذكر الخاص بعد العام،2 ـ ذكر العام بعد الخاص، 3 ـ توضيح الكلام المبهم بما يفسِّره، 4 ـ التوشيع، وهو أن يؤتى بمثنى يفسّره مفردان، 5 ـ التكرير وهو ذكر الجملة أو الكلمة مرّتين أو ثلاث مرّات فصاعداً، 6 - الاعتراض، بأن يؤتى في أثناء الكلام بجملة لبيان غرض من الأغراض,7 - الإيغال، بأن يختم الكلام بما يفيد نكتة يتم بدونها المعنى، 8 ـ التذييل، وهو أن يأتي بعد الجملة الأولى بجملة أخرى تشتمل على معناها , 9- الاحتراس، وهو أن يأتي بكلام يوهم خلاف المقصود فيأتي بما يدفع الوهم، 10 ـ التتميم، وهو زيادة مفعول أو حال أو نحوهما، ليزيد حسن الكلام، 11 - تقريب الشيء المستبعد وتأكيده لدى السامع, 12 - الدلالة على الشمول والإحاطة. وهناك موارد يستحسن فيها الإطناب، منها:1 ـ الصلح بين الأفراد، أو الجماعات، أو العشائر.2ـ التهنئة بالشيء.3 ـ
المدح والثناء على أحد.4 ـ الذمّ والهجاء لأحد.5 ـ الوعظ والإرشاد.6 ـ الخطابة في أمر من الأمور العامّة.7 ـ رسائل الولاة إلى الرؤساء والملوك.8 ـ منشورات الرؤساء إلى الشعب.(2)


*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..