
من كتاب (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) للسيوطي ..
باب ذكر الموت والاستعداد له
النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا ذكر هاذم اللذات"يعني الموت. وقيل له: يا رسول الله ، هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: "نعم ، من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة" –انظر شرح الصدور ص 20-
قال علماؤنا رحمة الله عليهم: ... إن من ذكر الموت حقيقةَ ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمِّل ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعّاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: "أكثروا هاذم اللذات" مع قوله تعالى: "كُلُ نفسٍ ذآئقةُ الموت" –آل عمران 185، العنكبوت57- ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.
وقال التيمي: شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت ، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى.ويقول الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة.
وقال الحسن البصري:"إن قوماً ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة ويقول أحدهم : إني أُحسن الظن بربي. وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل" وتلا قول تعالى: "وذالكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين" –فصلت23-
باب ما يذكر الموت والآخرة ويزهد في الدنيا
يقول أبو العتاهيه:
يا عجباً للناس لو فكروا
وحاسبوا أنفسهم أبصروا
وعبَرو الدنيا إلى غيرها
فإنما الدنيا لهم معبرُ
لا فخر إلا فخر أهل التقى
غداً إذا ضمهم المحشرُ
ليعلمن الناس أن التقى
والبرِّ كانا خير ما يُدخرُ
عجبتُ للإنسان في فخره
وهو غداً في قبره يُقبرُ
ما بال من أوله نطفةٌ
وجيفة آخره يفجرُ
أصبح لا يملك تقديم ما
يرجو ولا تأخير ما يحذرُ
وأصبح الأمر إلى غيره
في كل ما يُقضى وما يقدرُ
قال العلماء رحمة الله عليهم: ليس للقلوب أنفع من زيارة القبور وخاصة إن كانت قاسية فعلى أصحابها أن يعالجوها بثلاثة أمور:
أحدها: الإقلاع عما هي عليه بحضور مجالس العلم بالوعظ والتذكر، والتخويف والترغيب وأخبار الصالحين . فإن ذلك يلين القلوب وينجع فيها.
الثاني: ذكر الموت ،يروى أن امرأة شكت إلى عائشة رضي الله عنها قساوة قلبها. فقالت لها: أكثري من ذكر الموت يرق قلبك. ففعلت ذلك فرقَّ قلبها. فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها.
الثالث: مشاهدة المحتضرين، يروى أن الحسن البصريدخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت ، فنظر إلى كربه، وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله، بغير اللون الذي خرج به من عندهم فقالوا له: الطعام يرحمك الله فقال: يا أهلاه عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله لقد رأيت مصرعاً لا أزال أعمل له حتى ألقاه
>> لنآ لقآء آخر بإذن اللهـ مع نفس الكتاب ..
المفضلات