كل الوسائل مشروعة في سبيل البيع . هذا ما أثبتته دراسة صادرة عن جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر والتي تكشف عن أن المستهلك الخائف يشتد انجذابه نحو السلعة ذات الماركة المعروفة والتي تعرض عليه في اللحظة ذاتها .
وهذا ما تثبته وسائل الإعلام التي تلعب على بث القلق والتلاعب بمستويات الخوف من أجل جذب المشاهدين أو القراء .
وهذا ما تثبته أيضا وسائل الإعلان ، حيث بات بعضها يمارس فن التخويف أو التسبب في نوع من القلق ليقدم السلعة على المستهلك فتصير بمثابة قيمة يلجأ إليها ليخفف من جزعه .
وقد قامت ليا دان وجو أندريا هوج وهما باحثتان في جامعة كولومبيا ، باختبار بسيط ، إذ وضع المستهلك أمام شاشة ثم عرضت عليه أفلام حزينة أو مقلقة وتركت أمامه في الوقت نفسه سلعة ذات ماركة معروفة ، كمياه غازية معينة مثلا ، وجرى قياس تعلق المستهلك بهذه الماركة بعد مشاهدة الأفلام ليتبين أنه قد إزداد بشكل ملموس . فماذا جرى ؟
إن الذي جرى بسيط جدا : فماذا يفعل أي إنسان خائف ؟ يلتفت نحو أهله وأصدقائه ليكون قريبا منهم .
ولكن حين يكون وحيدا ، لا أهل ولا أصدقاء له وهو يشعر بالخوف سيتقرب من أي شيء يمكن أن يستوعب شحنة رمزية أو إنفعالية ، كزجاجة المياه الغازية مثلا .
وقد تأكدت الباحثتان من صحة هذا التفسير حين سمحتا للمشتركين بالإختبار والإتصال بأصدقائهم قبل أن تعرض عليهم المؤثرات المخيفة .
في هذه الحالة ، لم يحدث أي إسقاط عاطفي على الماركة ولم يلاحظ أي تغير في الموقف تجاهها .
قد نعجب لسرعة تأثر الإنسان بما يراه من حوله وبما يعرض عليه أو يقال له ، وإن كان ثمة شيء يجب أن نحتاط له في هذه المجال هو سرعة تأثر أطفالنا حينما يجلسون لساعات أمام التلفزيون ونحن منشغلون عنهم بأمور ربما كانت مهمة لكنها لن تكون أكثر أهمية منهم .
وحين ندرك أن المستهلك الجيد ، بنظر المروجين ، هو المستهلك الخائف ، نعي فورا ما يتعين علينا القيام به من أجل المحافظة على الأواصر العائلية والعلاقات الشخصية التي تتعرض للاهتزاز والوقوع في ظل ظروف الحياة الصعبة وغير المتوقعة التي نعيش فيها .
وإذا كانت كل الوسائل مشروعة في سبيل البيع فكيف بالأحرى الوسائل للدفاع عن النفس والمحافظة عليها .
المفضلات