بسم الله الرحمن الرحيم ...
واقع حزين يدفعني للتعبير عن رأي كثير من المعلمين والمعلمات وهم يودعون هيبتهم أمام تلاميذهم ليأتي زمان يجعل من الرساله تلقينا وسط شغب الطلاب وقلة أدبهم فيعجز المعلم عن تربيتهم ليتسنى له تعليمهم ...
ومن هنا وجدت نفسي أمام واجهة المنتدى لأسطر حسرات آلمتني فعلا ...أين هي هيبة المعلم امام طلابه وما أهميتها .... قالها شوقي في زمان مضى ..
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا
هذا الشعار الجميل أطلقه أمير الشعراء أحمد شوقي قبل سنين عديدة معترفا بفضل المعلم في بناء الصرح العلمي ومكانته الراقية في المجتمع ودوره العظيم في رقي وازدهار الامم من خلال رسالة التعليم . ومكانة المعلم معززة ومكرمة في الاسلام ويشهد على هذا التكريم العديد من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة . يقول تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات } { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } ويقول رسول الله & : ( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ) وقد بات يتردد في الاوساط الاجتماعية عبارات حول تدني درجة هيبة المعلمين امام طلابهم ذكورا واناثا فهناك من يرى ان المعلم في السنوات الماضية كان يمتلك خاصية امام طلابه لا يمتلكها معلمو الوقت الحاضر ، فإذا كان الأمر كذلك فمن وراء سقوط هيبة المعلم ؟ وأين اختفى وقع وتأثير قصيدة شوقي ( قم للمعلم .. ) من نفوس طلابنا بل ومن مجتمعنا ؟ وما أهمية هيبة المعلم أمام طلابه ؟ وماذا تعني كلمة الهيبة ؟
أن الموضوع يحمل أبعادا مختلفة وعوامل عديدة وهذه العوامل والأبعاد لها علاقة وطيدة بقضية تدني مكانة المعلم والتي نلمسها جيدا في واقعنا الحالي ، ومن هذه الأبعاد :
*-عدم وجود رؤية تربوية وتعليمية في المدارس ، وأكثر هذه الرؤى وللأسف موجودة في أغلفة لا يطلع عليها أحد ، فلا يوجد تخطيط واضح بين المعلم والطلاب أو بين المعلمين انفسهم او بين المعلمين والأهل ، كذلك لا يوجد رؤية تربوية وتعليمية توضح سياسية وبرامج المدرسة ، حقوق وواجبات الطالب ، حقوق وواجبات المعلم ، دستور للمدرسة وغيرها ، بمعنى هناك مسافات بين هذه الأجسام الأمر الذي قد يولد شكوكا بين الأهل والمعلمين او بين الاهل والمدرسة وهذا بدوره يولد النظرة السلبية تجاه المدرسة ومن ثم يقلل من مكانة المدرسة ومكانة المعلمين
هناك عدة عوامل ساهمت في اختفاء هيبة المعلم ، ان عقوق الوالدين وعدم احترام الكبير كثر بشكل عام ، حتى انه طال المعلم فالابن الذي يتطاول على والديه ما المانع لديه ان يتطاول على معلمه ناهيك عن ظاهرة العنف المنتشرة في المجتمع ، والتي أثرت بشكل مباشر على هيبة المعلم ومن الاسباب ايضاوسائل الاعلام التي تقدم العديد من الافلام والمسلسلات والتي تعرض المعلم بصورة مبتذلة غير محترمة وبذلك تقدم صورة سلبية عن المعلم بالاضافة الى ان اليوم معظم أولياء الأمور متعلمون والكثير منهم على درجة عالية من الوعي حيث يساهمون في تعليم أبنائهم أما النقطة الأخيرة التي أود أن أذكرها ، وهي دور الأهل والذي في كثير من الأحيان قد تحول من دور ايجابي الى دور سلبي حيث ان الأهالي في الماضي كانوا يحترمون المعلم كثيرا ويعلمون أبناءهم أهمية احترام المعلم بينما اليوم يشارك الأهل ابناءهم بالهجوم والوقوف على أي زلة تصدر من المعلم والسبب هو كثرة الدلال الزائد للأبناء خاصة ان انجاب الأطفال أصبح أقل من ذي قبل .
وهناك أسبابا أثرت على هيبة المعلم ومنها:
أن مكانة المعلم الاجتماعية والتربوية قد اهتزت وتغيرت في أيامنا فلم يعد المعلم الملك في صفه ولا ذاك المحترم في مجتمعه ففي زماننا حدث تغيير للأسوأ في مكانة المعلم ، ويعود ذلك للأسباب الآتية :
أولا : أن العالم في تقدم وتطور دائمين والمعلم باق مكانه لا يواكب تكنولوجيا التعلم فنجده يعلم على طريقة التعليم القديمة ( المعلم في المركز والطالب مجرد وعاء لاستقبال المعلومات ).*
عدم استعانة المعلم بوسائل التدريس الحديثة من أجل تحبيب الطلاب في الموضوع وتفهيمهم اياه فنجد أن الطالب يتعلم عن طريق الحاسوب أضعافا مضاعفة عن ذلك الذي يتلقاه من أستاذه .
اتساع رقعة الثقافة لتشمل أوساطا واسعة في المجتمع دعا الكثيرين للتطاول على المعلم والنظر اليه نظرة مغايرة .
سهولة التزود بالمعلومات التعليمية والتربوية والثقافية المختلفة عن طريق الحاسوب عبر شبكة الانترنت بعد ان كان المعلم هو المصدر الوحيد لاستقاء المعلومة .
* وأنا لا أختلف معكم من أن المعلم هو أحد الأسباب الرئيسية التي أدت الى سقوط هيبته أمام تلاميذه وبالذات اذا لم يكن يملك الاسلوب في التدريس ولم يكن متمكنا من المادة .
أضف الى ذلك نوعية المعلمين الذكور وبالذات في المستوى الثانوي الذين يجالسون طلابهم في المقاهي او يدخنون معهم او يلعبون معهم او ينزلقون الى مستويات متدنية من الحديث معهم . فماذا نتوقع من الطالب حينها
- إننا بأمس الحاجة الى ذاك المعلم الناجح الذي أحب مهنته واختارها بكامل ارادته انطلاقا من ايمان انها مهنة مقدسة سبقه اليها الأنبياء والمرسلون .
- المعلم الناجح الذي يعرف كيف يدير صفه ويضبطه .
- المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التعامل مع المنهاج.
- المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التخطيط للتدريس.
- المعلم الناجح الذي يعرف كيفية تجهيز واستعمال الوسائل التعليمية.
- المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية تنفيذ الدرس .
- المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية التعامل مع طلابه .
* اذا على المعلم حتى يستعيد قيمته ومكانته الاجتماعية ان يحدث دوره من ناقل للمادة الى منتج لها
الهيبة ماذا تعني؟
هيبة المعلم امام طلابه وأهميتها : الهيبة كما عرفها العلماء : أن يكون للمعلم تأثير ونفوذ مشروع على الطلاب وهي تختلف عن السلطة لاحتوائها على عنصر أخلاقي . والهيبة تتطلب مراعاة قدر من الرسمية في العلاقة بين المعلم والطالب.
- ومن الاهمية بمكان ادراك الفارق بين منزلة المعلم ومنزلة الطالب فلا يجب اسقاط جميع الحواجز بينهما وعلى المعلم ان لا يقيم علاقة شخصية مع الطالب او ينحاز لأحد الطلاب .
وكلنا سمع بقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي بشأن المعلم حيث كان مضمون وأسلوب شوقي معززا لثقة المعلم بنفسه ومهنته وضرورة احترامه وتبجيله لأنه منشىء صرح العلم
قم للمعـــــــــــــــلم وفه التبجــــــــــيلا كاد المعـــــــلم ان يكون رسولا..
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشىء أنفسا وعقولا..
سبحانك الــــــــلهم خير مــــــعلم علمت بالقلم القــــرون الاولى..
أخرجت هذا العقل من ظلماته وهديته النــــــــــور المبين سبيلا..
وأذكركم بالسلف الصالح كيف كانوا يحترمون علماءهم ومعلميهم
* هم زيد بن ثابت رضي الله عنه بركوب دابته فوقف عبد الله بن عباس رضي الله عنه بين يديه وقفة العبد بين يدي مولاه وأمسك له ركابه وأخذ بزمام دابته فقال له زيد: دع عنك يا ابن عم رسول الله. فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا.
* قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.
* وقال الحسن بن ذكوان لرجل تكلم عنده على أحد العلماء: مه، لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك.
* وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحًا رقيقًا هيبة لئلا يسمع وقعها.
* وقال الإمام أحمد بن أحمر لخلف الأحمر: لا أقعد إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.
* وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليّ هيبة له.
وفي الختام أتمنى كل من يقرأ سطوري أن يضع ملاحظته لعل وعسى نرجع للمعلم هيبته .. ويرجع التعليم بين نفوسا إحترمت بعضها لتتعلم .. ولأجيالا تزرع لغد أفضل .. جزاكم الله خيرا
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات