كم هو رائع أن تمتلك برادا يعرف أن الجبنة ستنفد قريبا لديك ، ليس هذا وحسب ، بل يستطيع أن يسجل احتياجاتك في مفكرتك الإلكترونية أو لدى المتجر الذي تتعامل معه .

لسنا بصدد خيال علمي هنا ، بل إن التقدم التكنولوجي المرتبط بشبكة الإنترنت صار باستطاعته أن يحوّل الأشياء الجامدة أو " الغبية " إلى أدوات ذكية وفائقة الأهمية للتنبؤ والمنافسة .

تنبؤ ماذا والمنافسة علام ؟ تنبؤ ما ستفعله في يومك والمنافسة على بيعك إياه أو بيعه لسواك ..
فالمعلومات التي ستتمكن هذه الأشياء " الذكية " من تجميعها سترتبط بمعلومات تأتيها من قواعد بيانات أخرى من أجل توليد معلومات جديدة تباع كسلعة قد تفوق في قيمتها كلفة الأشياء التي تستخدم لجمعها .

وهكذا مثلا ، لن يكون من المدهش أن تقدم لك فرشاة أسنان هدية ، لكنها فرشاة أسنان مجهزة بحواس تعرف متى تستخدمها وترسم لاستخدامك لها مخططا يبين عدد المرات التي تفرك بها أسنانك ومتى يجب أن تزور طبيب الأسنان .

أو ربما يقدمون إليك شوكة ذكية أو ملعقة ، تعرف كم استهلكت من السكر ... وكلما ارتبطت هذه الأدوات الذكية بشبكة الإنترنت كانت المعلومات التي يجمعها عنك أوفر وكانت التنبؤات أكثر دقة .

غني عن القول أنه سيكون على الدوام ثمة مشترٍ لهذه المعلومات بهدف استغلالها على المستوى التجاري .
فبعد سنة أو اثنتين ، ستكون " جوجل " موجودة في سيارتك ، التي تقود نفسها بنفسها ، وأيضا في السيارات التي تحمل نظام الـ " أندرويد " .

كما ستكون موجودة في غرفة نومك ، بفضل كاشف الدخان ومنظم الحرارة ، وأخيراً هي موجودة في جيبك الآن بفضل الهاتف وأمام عينيك عبر نظارات جوجل التي تحتوي على كاميرا وشاشة .

وحين تعرف جوجل أي طرقات تسلكها كل يوم والسرعة التي تقود بها ومن الذين تتصل بهم ، فإنها ستضع تخمينا أكثر دقة للمخاطر التي قد تتعرض إليها ، كخطر تعرضك لحادث أو إمكانية عدم تسديد فواتيرك أو ديونك .

لست أدري كم يحلو لنا أن نكون مراقبين ، على جميع الأصعدة وفي أدق تفاصيل حياتنا اليومية وربما التافهة : كم مرة نفرك أسناننا في اليوم ؟ كم كوبا من الحليب نشرب ؟كم قطعة جبنة نستهلك ؟ بأي سرعة نقود سارتنا عند المنعطفات ؟ من اتصل بنا اليوم وبمن اتصلنا ؟


ربما سنفرح بأننا محاطون بأدوات وأشياء " ذكية " توفر علينا عناء كثيرا ، لكن خوفي أن نصبح نحن أشخاصا " أغبياء " نوفر للشركات العالمية الكبرى ربحا كثيرا .