بالرغم من زياراتي المتكررة للقاهرة في مناسبات ثقافية وفكرية متعددة ومختلفة, إلا أنني لم أتمكن من مقابلة المفكر التربوي ( سعيدإسماعيل علي) حتى في أثناء زيارتي له في مقر عمله في كلية التربية بجامعة عين شمس في ( روكسي), لكن وجدت اسمه معلقا على الباب كما وجدته أيضا في أماكن أخرى. في حقيقة الأمر كانت لهفتي لمقابلته لعدة أسباب منها محاورته في بعض القضايا التربوية والفكرية وكذلك مناقشته في بعض المصطلحات التي قد يكون لها تأثير سلبي عندما يتم تجاوزها أو إغفالها كالانتماء مثلا.... الانتماء للوظيفة أو للوطن أو انتماءات أخرى, كالانتماء الإيديولوجي أو الاجتماعي القبلي ....الخ.

مصطلحات بسيطة ولكن كنت بحاجة لمعرفة دلالاتها وانعكاساتها بشكل عام على الميدان التربوي؛ حتى لا تختلط أوراق الوطن مع أوراق أخرى, فذلك الخلط أحيانا قد يؤثر على تحقيق الأهداف أيا كانت تلك الأهداف عامة أو خاصة تربوية كانت أو تنموية, ويبدو لي أن كل مشكلاتنا التربوية هي نتيجة خلل في الانتماء الوطني خاصة عندما نتجرد منه ويغلب علينا الانتماء الاجتماعي القبلي أو الأيديولوجي, فذلك لا يخدم العملية التربوية أو التنموية بل يفسدها ويدمر كل خططها وأهدافها, لذلك لابد أن يكون الانتماء للوطن أولا ونتجرد جميعا من أي انتماءات أخرى إذا أردنا تنمية حقيقية واقعية ومستدامة, أما غير ذلك فهو مجرد عبث وفوضى, وربما الواقع المعاش أكبر دليل على ذلك.

أسئلة وقضايا ومواضيع مختلفة ومتضاربة... ولكن لم أجد من يجاوب عليها. خرجت من هناك راكبا " مترو " ( عبد العزيز فهمي) متجها لجامعة عين شمس الفرع الرئيسي( قصر الزعفران ) بالعباسية. كان المترو مزدحما كعادته بوجوه مختلفة باختلاف انتماءاتهم الفكرية والثقافية والعرقية. دخلت الجامعة من جهة " المترو"في مدخل جميل بين الحدائق والأشجار والزهور وأمام" تماثيل "شاهدة على الجميع هناك تراقب وترصد بصمت, حتى أولئك الذين بين الأشجار ترصد كل حركاتهم وسكناتهم دون أن تسمع أو ترى أو تتكلم ولكن لها هيبة كهيبة البعض هنا. جلست بين الأشجار مع الجالسين بغض النظر عن عيون التماثيل وبعض العيون هناك في صمت رهيب. الصمت هناك وهنا أتاح لي الفرصة للتفكير بطرح بعض الأسئلة المحيرة والمعقدة خاصة في ظل ا لترشيحات الجديدة هنا, وبوجود لجنة مشكلة مختلفة في الرؤية والانتماء و الأسلوب والأداء, وفي ظل خبراء تربويين وإداريين لهم خبرتهم الواسعة وبصمتهم الواضحة في الميدان التربوي دون أن يكون لهم أي وجود في اللجنة هي محل تساؤل للجهات المعنية, لكن السؤال المحير هنا, هل اللجنة المشكلة أكثر خبرة من الخبراء؟ وهل هم محل تقييم حقيقي وواقعي مقنع للجميع؟ وهل انتماءاتهم وطنية أم اجتماعية قبلية أم انتماءات أخرى؟ تلك التساؤلات المحيرة كانت موجهة للمفكر (سعيدإسماعيل علي ) ومازالت موجهة فهل من مجيب ؟



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..