ذاكرة المكان في عهد النهضة
يوم السبت , 06 نوفمبر 2010 م
ليما.. تسكن على بحر عمان وتحرسها جبال مسندم
إعداد وتصوير: خميس بن علي المحاربي
التجوال في الروائع الطبيعية بأرض عمان له متعة خاصة، والإبحار في محافظة مسندم له حكايات وقصص ارتبطت بجماليات بالمكان وعايشت روعة الإنسان، نتأمل فيها امتداد الشواطئ ونغوص في أعمال الخيران البحرية وتشكيلاتها الرائعة، ونحلق فوق قمم الجبال لنحط في أحد المواقع الساحلية الجميلة، مدينة ساكنة على ضفاف بحر عمان، وتحرسها جبال مسندم الشامخة، تبدو لنا من السماء كأنها واحة خضراء بامتداد أشجار نخيلها، زرتها أول مرة في بداية عام 2000م ولمدة خمس ساعات فقط، واكتشفت فيها الكثير من جمال الطبيعة، والنمط المعماري للمساكن القديمة، ولكن حفاوة وكرم السكان كان له الأثر الكبير في نفسي. وعندما حلقت في سمائها في عام 2009 بدت لي برؤية مختلفة، لقد اختزنت نيابة ليماء الساحلية بولاية خصب بمحافظة مسندم العديد من ذكريات المكان.
وصلت أول مرة إلى نيابة ليماء التابعة لولاية خصب بمحافظة مسندم في عام 2000م عن طريق الطائرة العمودية من ولاية خصب، ويقدم سلاح الجو السلطاني العديد من الخدمات، لأهالي وسكان القرى الجبلية والساحلية في مختلف ولايات محافظة مسندم، ومنذ لحظة وصولي حرص صديقي احمد المخمري، أن يرافقني في التجوال السريع في هذه القرية، فلدي من الوقت خمس ساعات فقط لتصوير مركز نيابة ليماء لأعود مرة أخرى لمركز ولاية خصب بالطائرة العمودية، وكان صديقي لديه المعرفة بطبيعة المكان، لكونه يعمل مدرسا في هذه القرية منذ خمسة أعوام. وقد تنفس أجواءها الساحرة والمليئة بالذكريات والمواقف الرائعة.
في البداية أخذني في جولة جميلة للمعالم الطبيعية والسياحية بنيابة ليماء، وكان شاطئ القرية بداية جميلة لرحلة الاكتشاف، تأملنا فيها حركة الصيادين وجمال الشواطئ والبحر، ولكون هذه النيابة تقع على انحدارات البيئة الجبلية، وتجاور البيئة البحرية، فقد كون ذلك مصايد غنية بالأسماك، وتعد حرفة الصيد مورد رزق رئيسي لأهالي ليماء، حيث تنتشر القوارب على الشواطئ وفي مياه البحر الساكنة.
وكان التجوال في النصف الأخير من ليماء أكثر روعة وإثارة، حيث خيل لي إني ببادية شاسعة تحيطها بها الجبال الشاهقة، وتوجد العديد من المواقع الجميلة لها مسميات معروفة عند أهالي ليماء، منها (السبابة) و(العريش) و(العقاب) و(العق).
وبعدها رصدت عدستي النمط المعماري القديم في المباني الأثرية، وقد تطلب مني ذلك تسلق المنحدرات الجبلية، حيث تتوزع المساكن القديمة بتشكيلاتها المختلفة على سفح الجبل المقابل لمركز نيابة ليماء، ويسمي الأهالي هذا الموقع بــ«القنايف» وهي منطقة البيوت قديمة، حيث استثمر أهالي ليماء القدماء البيئة الجبلية بعناية لتكون مأوى وسكن لهم في الماضي.
وتركوا لنا آثارا رائعة أدهشتنا لما صنعه الأجداد بمهارة تتميز بدقة الصنع وحرفية الأنامل المبدعة، التي خلدته لنا ذاكرة ليماء على سفوح جبالها الشامخة. وبعد ذلك تأملنا الحقول الزراعية، التي تكثر فيها أشجار النخيل ومن أشهر أنواعها الخنيزي، والخصاب، واللولو والهلالي.
ونظراً لما تشتهر به نيابة ليماء من صناعات حرفية مميزة، فقد حرصت عدستي على توثيق هذه الحرف النادرة، ومن أهمها صناعة الطبول بأنواعها المختلفة، وصناعة الفخاريات التي تتميز بالدقة العالية، وبألوانها الزاهية التي تكسبها روعة وتميزا يضاف لخصوصية هذه القرية، إضافة إلى صناعة (الجرز) وقد برع الأهالي في هذه الحرفة، وقد اتخذ الجرز شعار لمحافظة مسندم.
وبالرغم من قصر فترة زيارتي الأولى لنيابة ليماء إلا إن كان لها بالغ الأثر في نفسي، حيث عشقت المكان بروعته وجماله، كما أضفى صديقي احمد المخمري متعة خاصة، حيث أضاف نكهة جميلة لجماليات المشهد، وكان لوجوده بالغ الأثر في نجاح مهمتي، فله مني خالص التقدير.
آخر زيارة لي لهذه النيابة كانت في شهر ابريل من عام 2009م عندما حلقت في أجوائها مع بعض المسافرين من سكان هذه النيابة بعد يوم ممطر، لتسجل عدستي المتواضعة جماليات المشهد بعد مرور ثمانية أعوام على أول زيارة لها، وقد بدا لي المشهد مختلفا، حيث تم إنشاء ميناء صيد بحري جديد على شواطئها، وقد فتح ذلك آفاقاً جديدة للسكان، وأدى إلى نمو الحركة وازدهار حرفة الصيد، وزيادة الحركة السياحية، كما بدا لي واضحا مشاهد النمو العمراني، إضافة إلى إنشاء العديد من المرافق الخدمية المهمة للسكان، ومنها مركز الصحي ليماء واستحداث عيادة للنساء والولادة ومركز للشرطة ومقر للبلدية، ومحطة لتحلية المياه، بالإضافة إلى الشوارع المعبدة المزودة بالإنارة، كل ذلك أعطى نيابة ليماء حداثة وتميزا رائعا في عهد النهضة المباركة، التي تشهدها هذه الأرض الغالية، والصور تنقل لكم باقي القصة.
====================
خميس المحاربي :
يعد خميس المحاربي من أبرز المصورين في الســـلطنة وأقام 12 معرضا شخصياً داخلها وخارجها، كان آخرها «مشـــاهد من عمان» في دمشـــق عام 2008، ضمن فعاليات مسقط عاصمة ثقافية، كما شارك في 14 معرضاً للصور الفوتوغرافية داخل السلطنة وخارجها، وحصل على 11 جائزة في مسابقات للصور الفوتوغرافية.
استطاع المحاربي من خلال صوره التي تعد توثيقاً بالصورة لنهضة السلطنة المعاصرة جمع الأمكنة وبيئاتها المختلفة، وظهر جمال أرض السلطنة من خلال معرضه «عمان من السماء» برؤية مختلفة، أعطت متلقي ومشاهدي العرض الفرصة للتحليق مع المشهد في جولة جميلة فوق عمان كما تبدو من السماء.
وصفته احد وسائل الإعلام ب" خميس المحاربي: عاشق الصورة و مجنون الطبيعة "
شكراً مبدعنا خميس![]()
المفضلات