"ما سأكتبه اليوم يتعلق كل جزء من اجزاءه بإسطورة من اساطير الشعوب والتي دائما ما نجدها في طيات كتب الادب"


الجزء الأول: اسطورة " أليس في بلاد العجائب" واسطورة " الامازونيات"


غرفة الصف قد تزينت جدرانها الاربع برسومات متعددة ومتمددة من الزاوية الى الزاوية ومن اسفل الجدران الى اعلاها..تلك الرسومات الطفولية تتكون و تتلون بألوان الطيف اللطيفة الخفيفة.. و على اتساع ارضية الغرفة و مع امتداد عرضها و طولها تتناثر الالعاب و البالونات و الكرات الملونة و كأنها نجوم زاهرة ظاهرة باهرة تسافر اضواءها بسرعة السنة الضوئية الى عيون كل من يشاهدها من زوار الغرفة الصفية و من اطفالها.

وحينما تأخذ مقعدا لتجلس في خلف الغرفة الصفية تنتبه عيونك الى الجدار الامامي الذي يقابلك و الذي علقت عليه السبورة..على يمين السبورة علقت المعلمة لوحة وردية تحمل اكياسا وردية ايضا وبداخل تلك الاكياس هدايا و جوائز للطلبة والطالبات الذين يتفاعلون اثناء الحصة الدراسية..السبورة مقسمة الى ثلاثة اقسام ..كل قسم منها يلفت انتباهك اكثر من القسم الذي يسبقه..القسم الايمن للسبورة تم تصميمه بلمسات تنسيقية رائعة قد خصص لكتابة "مخرجات الدرس"..اما القسم الاوسط من السبورة هو المساحة البيضاء التي توظف خلال الحصة الدراسية لتنفيذ انشطة الدرس المختلفة ولعرض المواد الفلمية عليه.. القسم الثالث وهو القسم الايسر والذي رسمت عليه نحلة عسل تغذي الورود برحيق "المفردات" المهمة في اللغة الانجليزية التي يحتاجها طلبة الحلقة الاولى..و اخيرا وعلى يسار السبورة ينتصب مسرحا للعرائس.



على الجهة اليسرى من الغرفة الصفية تم رسم "قطار" اسفل الستائر العنابية اللون..يتكون القطار من عدد من العربات ..كتب على كل عربة ارقاما باللغة الانجليزية من1 الى 99 ، فالعربة الاولى تحمل الارقام من 1-10 ثم تأتي العربة الثانية لتحمل11-19 و هكذا... يسافر الطلبة دائما على ذلك القطار يعدَون ويحسبون تلك الاقام 1 ، 2 ،3 ،4 ........ القسم الاعلى من الجدار قد ألصقت عليه صور تجسد الشخصيات التي يدرسها الطلبة في المناهج..تفتح تلك الشخصيات اذرعها و كأنها تستقبل مرحبة الاطفال القادمين الى الغرفة الصفية هذه..و على صدور تلك الشخصيات الكرتونية علقت عبارات وكلمات.

الجدار الخلفي للغرفة الصفية كان شبيها بكهف الكنوز و المجوهرات الذي اكتشفه "علي بابا"..فقد ضمت اللوحة الجدارية المعلقة العديد من الوسائل التعليمية لخلق بيئة جاذبة و تعليمية للاطفال..اسفل اللوحة الخلفية توجد خزانة بها اكثر من عشرين درجا مفتوحا..كل درج من تلك الادراج طبع عليه اسم من اسماء الطلبة..تضم تلك الادراج الاعمال التي ينفذها الطلبة في نهاية كل حصة..انجازات الطلبة هي كنوز..رسم الطلبة شخصيات القصص التي قرأوها و صنعوا النماذج بالصلصال و قصوا و ألصقوا..على يمين تلك الخزانة يوجد ملف جميل التنظيم والتنسيق ..يقدم الملف شرحا وافيا لمن يطلع عليه عن مشروع Friends of Reading و يضم نسخا للانشطة الورقية التي نفذتها المعلمة مع الطلبة و نماذج من اعمال الطلبة..في بداية ذلك الملف هناك توقيع بالشكر للشيخ جابر بن موسى العبري مستشار معالي الوزيرة لشؤون مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية..بالقرب من ملف المشروع هناك حامل يحتوي على مجموعة من الارفف...تلك الارفف تحمل كتبا و قصص مختلفة الاحجام و الالوان و الافكار والموضوعات..يتم توظيف تلك الكتب والقصص في الخمس دقائق الاولى من كل حصة قراءة..يأخذ الطلبة القصص ليقرأوها.



تلك المشاهدات من غرفة مشروع Friends OF Reading هي تجربة حقيقية لأسطورة " أليس في بلادالعجائب"..تلك الاسطورة التي تحملنا الى عوالم الافراح و تهدي للقلوب انشراح..اللحظات التي يحظى بها طلبة وطالبات مدرسة وادي الشكلة في غرفة المشروع هي ربما الفصل الجديد من اسطورة "أليس في بلاد العجائب".. لا اقول انني بالغت في وصف المكان او انني كنت احكي لكم حلما..فليس من رأى كمن سمع..بل بالعكس..اعترف انني قصرت في الحديث عن الغرفة ..فأنا لا زلت لم اتحدث عن الوسائل والاجهزة التقنية التي توفرها المعلمة لهذه الغرفة.. وانا لم اتحدث عن الجهود المضنية التي من خلف الكواليس والتي تشارك في تنفيذها ادارة المدرسة التي بادرت مشكورة بدعم المشروع ماديا و معنويا و لم احكي لكم عن التعاون الجميل من قبل المعلمات مع المعلمة صاحبة الفكرة..لهذا فإن الاستاذة سعاد العريمية المشرفة الاولى للغة الانجليزية حينما رأت ذلك التنسيق المتقن و التصميم الراقي و التنظيم الجميل لم يكن منها الا ان تصفه باللغة الانجليزية قائلة "Ladies' Power" وهي عبارة تشير الى" قوة الادارة و الارادة لدى النساء" و هذا الذي جعلني اتذكر اسطورة "الامازونيات" الاغريقية.. و"الامازونيات" كما ورد في الاسطورة تحكي عن تلك المجموعة من النسوة المحاربات اللواتي قررن استعمار احدى جزر البحر المتوسط لتأسيس مملكتهن الخاصة.


الجزء الثاني: اسطورة"الاسد و الفأر " & "بساط علاء الدين"



حصة نموذجية في طرائق تدريس القراءة نفذتها معلمة اللغة الانجليزية ايمان..كان دخول طلبة صف الثاني يذكرني بافتتاحية برنامج " افتح يا سمسم" حيث ينطلق الاطفال مبتهجين الى اماكن اللعب والترفيه..دخل الأطفال مبتهجين وانقسموا الى قسمين..الاطفال المجيدين وهم الاغلبية تأبط كل طالب منهم كتابا من حامل الارفف الذي بخلف الصف ثم اتجهوا الى الحصير واتخذوا لهم مجلسا على ذلك الحصير الوثير و بدؤا بقراءة قصصهم و كتبهم..المجموعة الثانية من الطلبة كانت تضم الطلبة الذين يحتاجون الى رعاية لكن تعزيزا و تحفيزا لهم فقد وهبتهم المعلمة لقب "StrongStudents " اتجه طلاب هذه المجموعة للجلوس على طاولة تم تجهيز مواد تعليمية مثل الصلصال وغيره من المواد لينفذوا عليها أنشطة سهلة و ممتعة متعلقة بالقراءة و ليشتغلوا عليها مكونين مفردات مثل car – bus – pen ..تم ذلك كله خلال الخمس دقائق الاولى من الحصة النموذجية..اثناء تلك الخمس دقائق تجولت المعلمة للاشراف والمساعدة في القراءة وتنفيذ الانشطة..كما تجولت المشرفة الاولى سعاد العريمية و اخصائية التدريب لمياءالسنانية بين الطلبة متفاعلين مع البداية الرائعة للحصة.. حينما انقضت الدقائق الخمس قرعت المعلمة جرسا يدويا كان وقعه على الاسماع لطيفا ..اعاد الطلبة كتبهم و قصصهم الى حامل الارفف ثم عادوا الى حصيرهم الساحر الطائر الذي ذكرني باسطورة بساط علاءالدين السحري حيث طار الحصير بالطلبة شوقا الى لحظات القصة والقراءة..جلس الطلبة متحلقين حول المعلمة التي اتخذت مقعدا و امسكت بكتاب يحكي اسطورة " الاسد والفار" تلك الاسطورة التي كتبها الفيلسوف الاغريقي آيسوب والتي تدعو الى التحلي بالاخلاق الفضلى و القيم المثلى.. حكت المعلمة القصة باسلوب بسيط مدعمة حكايتها بصور وعبارات الكتاب..تفاعل الطلبة مع المعلمة وتناغموا في انسجام تام حيث قلد الطلبة نميمة الفأر المسكين الذي وقع بين مخالب الاسد وقلدوا زئير الاسد الثائر الهادر و رددوا المفردات والعبارات باللغةالانجليزية..وكان ذلك المشهد يضم من الحميمية ومعاني الانس والالفة الكثير ولاقت تلك الطريقة في سرد القصة اعجاب المشرفة الاولى سعاد و اخصائية التدريب لمياء..اختمت المعلمة جلسة القراءة تلك بعرض فيديو يلخص قصة الاسد والفار لمدة 3 دقائق تقريبا..ثم انتهت الحكاية باستخلاص الطلبة للعبرة .."لا تحتقر الصغير الذي قد ينقذك في يوم ما فعله الكبير"!




تلى مشهد سرد القصة العديد من الانشطة والتمارين (ألعاب تعليمية) والتي تم تصميمها لتستهدف محتوى القصة..حيث نفذ النشاط الاول و الذي كان عبارة عن لعبة تعليمية تفاعلية تأخذ شكل المسابقة ..فقد وزعت البطاقات الملونة والكرات الملونة على اربعة مجموعات من الطلبة وتم طرح الاسئلة من قبل المعلمة ايمان و اخصائية التدريب لمياء على الطلبة و كانت المجموعة الفائزة هي المجموعة الحائزةعلى اكبر عدد من الكرات و التي تمثل الاجابات الصحيحة على الاسئلة..وانتهىت اللعبة بذهاب اعضاء المجموعة الفائزة الى الاكياس الوردية المعلقة على يمين السبورة والتي تحمل كل كيس منها جائزة مغرية.

اللعبة الثانية نفذت على القسم الاوسط من السبورة..حيث علقت المعلمة لوحة بها الحروف الابجدية الانجليزية والتي يمثل كل حرف فيها رقما معينا فمثلا Aa يمثله 1 و Bb يمثله 2 وهكذا...كتبت المعلمة الكلمات بالارقام فتنافس الطلبة لكتابتها بالحروف ثم قراءتها..شاركت اخصائية التدريب في تنفيذ اللعبة ..فكتبت بالارقام اسمها..جاء "هزاع" فكتب " لمياء" و قرأها.. ثم كتبت بالاقام كلمة اخرى ..فجاء طالب اخر وكتبها لتتكون كلمة Oman وقرأها.. ابدت الاستاذة لمياء اعجابها بالمستوى العالي لمهارة القراءة لدى الطلبة وقبل انتهاء النشاط الثاني ارسلت المعلمة ايمان طالبتها "ريماس" الى خارج الصف.

عادت "ريماس" الى غرفة الصف تلبس فستان الملكات .. وتحمل سلة بها اربع وردات..على كل وردة علقت عبارة... تجولت "ريماس" بيننا في الصف منادية:

Flowers…
Flowers..
Who wants to buy flowers"

توافد عليها الطلبة لشراء الوردات وكان الشرط هو ان تقرأ العبارة قبل ان تشتري الوردة..نجح الطلبة في النشاط و استطاعوا شراء الورد بعد قراءتهم للعبارات...اهداني هزاع وردة حمراء وشكرته! كما اهديت باقي الوردات الى سعاد و لمياء!





اما النشاط الاخير فقد كان ابو الفنون..انه المسرح..فقد تم توظيف مسرح العرائس بشكل فعال، حيث رفعت ستارة مسرح العرائس ليظهر لنا قناع اسد و قناع فأر.. مثلت الاقنعة اسطورة الاسد و الفار وصَاحَبَ التمثيل عناصر فنية تم استخدمها باتقان..فقد استخدمت الشبكة (المصيدة) والتي تظهر الاسد وقد تم اصطياده ، كما انه ظهر الاسد بوجه غاضب وظهر الفار بوجه خائف..


كل ما سردته لكم كان يشبه الأسطورة فعلا، فقد كان تلخيصا لحصة نموذجية نفذتها المبدعة ايمان المخينية معلمة اللغة الانجليزية صاحبة فكرة ومشروع Friends Of Reading بمدرسة وادي الشكلة للتعليم الاساسي 1-12 وبحضور المشرفة الاولى سعاد العريمية واخصائية تدريب لغة انجليزية لمياء السنانية يوم الثلاثاء 19 ابريل 2016م.

في النهاية لا يسعني الا ان اتقدم بالشكر الجزيل الجميل الى ادارة مدرسة وادي الشكلة لدعمها هكذا مشاريع تعليمية وتربوية و الى المعلمة ايمان المخينية التي بذلت الجهد والمال و قامت بتأثيث الغرفة على حسابها الخاص واشكرها على حسن التخطيط والاتقان في التنفيذ و اقول لريماس و هزاع و وفاء واسماء و عبدالله وزملائهم..وزعوا الورود .. و أقرؤا الكتب والقصص ..وكونوا مطمئنين فأنتم بين ايادي امينة..و ادعو المسؤولين الى زيارة مشروع Friends Of Reading لتعيشوا الاسطورة و لتباركوا الجهود المميزة المثمرة و لتقدموا مشكورين ما تستطيعون من دعم لازم..فريماس و هزاع و وفاءواسماء لا يزالون يحملون الوردات حالمين باللحظة التي يكتمل فيها مشروعهم..وبوركت الجهود الصادقة.



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..