ترويج إلكتروني للعمالة المنزلية المجهولة
بورصة الخدم في رمضان.. الساعة بـ75 تتضاعف لـ «الطاهية»



الخليج - تحقيق: عايدة عبد الحميد

بورصة الخدم على وشك أن تنطلق خلال شهر رمضان المبارك، وبدأت مكاتب الاستقدام والتأجير الخاصة بالخدم تعد العدة لفرض الشروط والمطالبات، خاصة مع ندرة المعروض من الخدم وزيادة الطلب.
في شهر رمضان على وجه التحديد يلقى سوق «الخادمات» رواجاً كبيراً في ارتفاع أسعارهن بشكل لافت، حيث تتفاوت الأسعار لتقفز إلى 2500 درهم، مما أثار الشكاوى من قبل أسر وربات بيوت عدة، بسبب هذا الارتفاع الكبير في رواتبهن، حيث ترضخ الكثير من الأسر لمطالب الخدم لعدم توفر البديل، في وقت يصل فيه إيجار الخادمة التي تعمل بالساعة 75 درهماً، يزيد المبلغ وقد يصل إلى الضعف إذا كانت تجيد الطهي، مما يجعل الأسر تعيش أزمة حقيقية في هذا الشهر المبارك، خاصة أنه لا غنى عنها في مثل هذه الظروف.
وفي ذات السياق انتشرت مؤخراً حسابات مجهولة في مواقع التواصل الاجتماعي تدعى التنازل عن الخادمات أو تأجيرها بالساعة مقابل مبلغ مرتفع جداً، حسب جنسية الخادمة للتنازل، حيث تطلب هذه الحسابات المجهولة 30 درهماً كحد أدنى للتأجير في الساعة أو بمبلغ قد يصل إلى ثلاثة آلاف درهم لشهر رمضان.

وأكد عدد من مكاتب استقدام الخادمات لـ«الخليج» أن هناك أزمة وشحاً في عرض العمالة المنزلية، خصوصاً مع قرب حلول شهر رمضان، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع التكاليف وظهور السوق السوداء في هذا المجال.
وقال مسؤولون في مكاتب استقدام العمالة، إن هناك أزمة حقيقية في توفير العمالة المنزلية في ظل زيادة الطلب، عازين ذلك إلى إيقاف جلب العمالة الفلبينية والإندونيسية وارتفاع التكاليف، مؤكدين زيادة الطلب على الخادمات بنسبة تتراوح بين 20 و 40 في المئة مع اقتراب شهر رمضان، الذي يؤدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار، لافتين إلى أنهم كانوا يستقدمون نحو 100 عاملة منزلية، وتقلص العدد إلى نحو عشر أو 15 خادمة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قيمة استقدام بعض العمالة من الخارج.

عدم وجود بديل
قالت أم أحمد النقبي، إن الخادمة شر لابد منه، خاصة في ظل وجود عائلة كبيرة وأم عاملة، عائلتي مكونة من 7 أبناء أكبرهم في المرحلة الجامعية، وزوجي، وأم زوجي، وأنا أعمل معلمة، ولا أستطيع تحمل أعباء المنزل دون خادمة، إضافة لعدم وجود البديل، وهذا ما جعلنا نصبح عرضة لابتزازهن، خاصة مع ارتفاع رواتبهن من 1800 إلى 2500 درهم خلال شهر رمضان.
وتحدثت ميثاء محمد عن مأساتها مع الخادمات، قائلة: منذ عام هربت خادمتي بعد أربعة أشهر من وصولها، وكنت بحاجة إلى خادمة فدلتني عمتي على أختها، التي تود التنازل عن خادمتها بمبلغ 20 ألف درهم، وبالفعل أخذت الخادمة، ولا أصبر عليها لعام ونصف وسأرحلها بعد أن تجرعت المر على يديها، إذ كانت ترفض الانصياع لنا، وتعمل على هواها، لكننا أجبرنا على تحملها إلى أن ينقضي رمضان، ولتتجدد تلك المشكلة في البحث عن خادمة بأي سعر إلى أن تنفرج الأزمة.
وبينت منى طالب أن الأسر في رمضان تشعر بالحاجة للخادمة نتيجة الأعباء المتزايدة خاصة إعداد وجبة الإفطار التي تتطلب إعداد أصناف لا نعدها طوال العام، مما يجعل العمل بالمطبخ عبئاً إضافياً كوني زوجة عاملة، وفي رمضان تكثر الزيارات الرمضانية، خاصة على الإفطار، وهذا ما تعرفه العمالة المنزلية جيداً، مما يجعلهن يستغللن الوضع لصالحهن ليرفعن رواتبهن، مما جعلنا نرضخ لهن.

وترفض أم حاتم الناصر، ابتزاز الخادمات على حد قولها، فتقول استغل عدد كبير من تلك العمالة حاجتنا لهن، مما جعلهن يرفعن أسعارهن لتجد الخادمة تترك العمل لتذهب لمنزل آخر مقابل زيادة وكأنها مضاربة بورصة، مما جعلني استعين بخادمات يعملن بأجر بالساعة أو اليومية، حيث تبلغ أجرتها في اليوم 150 درهماً بمعدل من 3 -4 ساعات يومياً، بينما في رمضان تصل 250 درهماً في اليوم.
وشكت فاطمة محمود من ارتفاع كلفة جلب الفئات المساعدة، خصوصاً مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، ولفتت إلى أنهم كأسر يعانون زيادة الأسعار بصورة مبالغ فيها، إذ إن تكلفة استقدام خادمة يراوح بين ‬12 و‬15 ألف درهم، فضلاً عن تكاليف التأشيرة واستخراج بطاقة الهوية والفحص الطبي الذي يتم عمله ثلاث مرات للخادمة، ويصل إلى نحو ‬1500 درهم.


رفع الرواتب
وعزا أحمد إبراهيم الجسمي، اﻻرتفاع الجنوني لأسعار الخادمات إلى شعور هذه الفئة بحاجة الأسر إليها، إضافة إلى عدم وجود البديل في الوقت الراهن،مما جعلهن يرفعن الرواتب، وخاصة في رمضان.
وأشار إلى أن قرب شهر رمضان المبارك دفع معظم مكاتب جلب العمالة إلى زيادة أسعارها، والمبالغة في السعر دون وجود جهة تضبط أسعار المكاتب، وحمايتنا من استغلال بعض المكاتب التي ترفع الكلفة وفق هواها، ولفت إلى وجود تفاوت في كلفة جلب الفئات المساعدة من مكتب إلى آخر.
بينما أشار حسن آل علي إلى إن هناك ارتفاعاً لافتاً في كلفة جلب الخادمات، نظراً لقرب شهر رمضان، خصوصاً للجنسية الإندونيسية، ولفت إلى أنه دفع العام الجاري نحو ‬10 آلاف و‬500 درهم لاستقدام خادمة من إندونيسيا، مقارنة بالأعوام السابقة التي كانت تراوح الكلفة فيها بين ‬8000 و‬9000 درهم.

سوق الخادمات يشهد شحاً في العرض وزيادة في الطلب، وبخاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يتطلب المزيد من الأيدي العاملة لتساعد الأسر في أعمالهم المنزلية، بهذه الكلمات بدأ أحمد يعقوب مدير مكتب توريد العمالة، وأضاف أن عقود استقدام الخدم تصل مدتها إلى عامين مع ثلاثة أشهر كضمان لاستبدال الخادمة أو إرجاعها لأسباب مقبولة أو في حالة الهروب، وأن زيادة الطلب على الخدم بنسبة 40 في المئة قبل حلول شهر رمضان، ولفت إلى ارتفاع قيمة استقدام بعض العمالة إلى 50 و90 في المئة، بعد قرار العقد الموحد للعمالة المنزلية.

زيادة الطلب
من جهته قال شفيق أحمد مسؤول أحد مكاتب الاستقدام، طلبات الخدم، التي استقبلها المكتب مؤخراً شهدت زيادة الطلب على جلب خدم المنازل قبل رمضان بثلاثة أشهر، وذلك بنسبة تجاوزت 40%، ولم تقتصر على جنسية واحدة بل تنوعت فئاتها، لكن تبقى الجنسية الإندونيسية في صدارة الطلبات لما تملكه من خبرة كافية في إعداد الأكلات الخليجية عامة والمحلية خاصة، وذلك نتيجة لعمل المرأة وضغوط العمل في رمضان، ووقوف النساء في المطبخ لإعداد المائدة الرمضانية، التي تحتاج إلى جهد يتضاعف في هذا الشهر الفضيل، وأوضح أن هناك قائمة طلبات تجري تلبيتها في المكتب، لمساعدة معظم الأسر سواء الإماراتية أو المقيمة في تجهيز الولائم الرمضانية.
شهر رمضان المبارك يأتي ضمن سياق حياة الأسرة والمجتمع كأي شهر من السنة، ولكن الملاحظ أن عادات غذائية واستهلاكية بدأت تجعل من هذا الشهر الكريم ومن فضيلة الصوم عبئاً إضافياً على الأسرة في التكاليف، هذا ما أشار إليه د. حسين سالم السرحان مستشار حماية الأسرة والطفولة والأمن الإنساني، وأضاف أن ذلك يأتي نظراً للإسراف والمبالغة في إعداد موائد الطعام ومختلف أشكال وأصناف الحلويات، مما يزيد من الضغوط والتوتر على أفراد العائلة والعاملين في المنازل.
وقال: الأصل أن نعود إلى الحكمة الأساسية من فريضة الصيام، والأخذ بأهدافها الإنسانية في التكافل والرحمة والعبادات إلا أن الواقع الاجتماعي يُبين حالة غير معتادة طوال العام تظهر خلال الشهر الفضيل، فتعمد أغلب الأسر نحو الإفراط في إعداد الطعام، الذي كثيراً ما يزيد على الحاجة، وهذا في حد ذاته سيزيد من ساعات العمل المطلوبة من العاملات والعاملين بالمنازل ويعرضهم إلى حالة من الضغوط النفسية والإرهاق الجسدي نتيجة اعتماد بعض ربات البيوت الكلي عليهم خاصة مع كثرت المناسبات والدعوات للأقارب والأصدقاء، وإن ربات المنازل أيضاً يفضلن الجلوس أمام التلفاز لمتابعة زخم المسلسلات المستمر خلال شهر الفضيل.
لذا يلاحظ أيضاً الإقبال الشديد من الأسر على طلبات استقدام الخادمات خصوصاً في هذا الشهر، مما ينتج عنه حالة من الاستغلال المادي، إضافة إلى أن بعضهن يطلب من الخادمات بذل جهود وأعمال إضافية دون الاتفاق مسبقاً على ذلك ويخلق ذلك نزاعات ومشاكل بين ربة الأسرة والخادمة بشكل مستمر.
وعليه لابد من التنويه إلى ضرورة أن تقوم ربة المنزل بنفسها في المشاركة بأعمال منزلها، كإعداد الطعام والحلويات والضيافة لزائريها، وألا تترك كل شيء على الخادمة، كما يجب مراعاة الظروف والقدرات للبشر فهي متفاوتة ومن الضروري التعامل بالحسنى والمحبة والرضا مع من يعيشون في المنزل، إذ إن العنف اللفظي أو الجسدي قد يوجد المبرر للانتقام بأي شكل من الأسرة.


عمالة غير نظامية الإعلانات المشبوهة
من جهتها قالت عائشة الحويدي مسؤولة اللجنة النسائية في جمعية الشارقة الخيرية، إننا نطالع بصفة مستمرة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر والفيس بوك»، إعلانات عدة مشبوهة وغير المعروفة نظامياً، لمجهولين في تسويق الخادمات للأسر في الدولة، وبخاصة قبل حلول شهر رمضان المبارك، مُستغلين مثل هذه المواسم التي لا تنتهي إلا بأعمال نصب، أو تكون خادمات هاربات من كفلائهن.
وأضافت أن بعض الحسابات وجدتْ في مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً «توتير» أرضاً خصبة لتسويق نشاطها غير النظامي، مستندة إلى مجموعة من الخادمات الهاربات، أو من يملكن إقامات غير نظامية، مستغلين حاجة بعض الناس للخادمات، خصوصاً مع دخول شهر رمضان.

وتتحمل أغلبية الأسر في الإمارات ما يبدر من خادماتهن من أمور كثيرة قد تزعجهم، ويظلون صامتين، وهناك مَن يقابل تصرفاتهن السلبية بكلمة أو نصيحة، وكل ذلك حذراً من إعلان الخادمة عدم الرغبة في العمل، خاصة في شهر رمضان، حين تصبح الأسر عاجزة عن استقطاب خادمة بديلة تقوم بمهام العمل المنزلي والطبخ.

موسم استثنائي
يعد شهر رمضان الفضيل من المواسم الاستثنائية التي تتزايد الطلبات فيه للحصول على خادمة لتلبية التجمعات العائلية، بما تحمله من أكلات متنوعة على مائدة الإفطار والسهرات العائلية المستمرة، بهذه الكلمات بدأ خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري حديثه، وأوضح أنه أجرى دراسة سابقة تؤكد أن الزوجة الخليجية تقضي 40٪ من وقتها داخل المطبخ، في حين أن النساء في دول أخرى يقضين فقط 22٪ من وقتهن فيه، وأوضح أن الزوجة الخليجية تعطي المطبخ في شهر رمضان اهتماماً يفوق اهتمامها بزوجها وأبنائها، مما يتسبب في نشوب خلافات بين الأزواج.
وأشار إلى أن الخادمات الهاربات اللواتي يعملن عند آخرين يشكلن تهديداً للأمن والمجتمع، وأن القانون يجرّم من يفتح بيته لمثل هؤلاء لحل مشكلة ليجد نفسه في ورطة كبرى وقد تحول إلى ضحية.
وأوضح أن أغلبهن غير لائقات صحياً، وقد يحملن نوايا إجرامية لكسب المال، ويجب على الجميع الاتصال في حال وجود قصاصات إعلانات تقوم الخادمات بتوزيعها على الشقق السكنية وتسليمها باعتبارها دليل إدانة ضدهن.
ووصف المحرزي سوق العاملات المنزليات غير النظاميات بأنها أشبه بـ«البورصة»، التي تقفز أسعارها ما بين فترة وأخرى، خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك، الذي يمثل موسماً ذهبياً لسماسرة الخادمات الهاربات من كفلائهن، اللائي قفزت أجورهن مع استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً «الفيس بوك» و«تويتر» في التسويق الإلكتروني لهذه العمالة غير النظامية، تحت شعار «نحن نوفر لك الأفضل وحالاً».


مسؤوليات مكاتب التوسط
حدد مشروع قانون استقدام العمالة المنزلية مسؤوليات مكاتب التوسط لجلب العمالة المنزلية، من بينها عدم السماح لها باستقدام العمال من دولهم، إلا بعد إعلامهم بنوع العمل وطبيعته ومقدار الأجر الشامل، وتقديم ما يثبت لياقتهم وحالتهم الصحية والنفسية والمهنية، وغيرها من الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، مع مراعاة كل مهنة من المهن التي يحددها القانون، البالغ عددها 19 مهنة، من بينها المستخدم «الخادم»، والبحار، والحارس، والراعي، والسائق الخاص، والسايس، والمضمر «في سباقات الهجن»، والصقار، والعامل، ومدبرة المنزل، والطباخ، والمدرب، ومربية الأطفال، والمزارع، والبستاني، وغيرها.
وحظر القانون على المكاتب أن تطلب أو تقبل من أي عامل، سواء كان ذلك قبل مباشرة العمل أو بعده، أي عمولة مقابل حصوله على العمل، أو أن تستوفي منه أي مصاريف لإجراء الفحوص الطبية اللازمة للعامل قبل 30 يوماً من دخوله الدولة.








*** منقول ***