لا يزال الكثير من النقاد عاجزين عن تحليل الأفكار والمواقف والصوروالشواهد والدلالات الواردة في كثير من الكتابات ، فمن الصعب أحيانا أن تتوافق الرؤى والأفكار المطروحة من قبل الكاتب مع الناقد ، فيشك الناقد في الفكرة المطروحة أو طريقة الكاتب واسلوبه ويعكس ذلك الشك معرفة أخرى من خلا ل النقد، فالمحرك الأساسي للنقد هو الشك شرط أن يهتم بالمضمون لا بالشكل ، لذلك يقال دائما ( المعنى في جوف الشاعر ) مهما كثرت المحاولات لمعرفة الدلالات والمعاني والصور الواردة في القصيدة مثلا ، حتى في النقد الأدبي أو الفني أو الفلسفي أو الاجتماعي أو التربوي أيضا ، فهناك دائما تظل مساحة للمعنى داخل النص وخارجه لمتذوق النص والناقد، لذلك عندما قرأت كتاب ( أوراق الوعي ) لمحمد العجمي وقفت عاجزا عن تحليل الكثير من الآراء الواردة في الكتاب خاصة المتعلقة بالتربية والتعليم فمثلا عندما يقول : " سيطرة الدولة على النظام التعليمي ليست دائما ايجابية " " أكبر خطأ أن تقوم الدولة بتربية المجتمع الذي أنتجها " " الدولة هي التي تصرف على التعليم ولكن المجتمع الكبير هو المسؤول عن التعليم ......الخ " و الكتاب في الحقيقة يتناول الكثير من القضايا الفكرية والفلسفية والثقافية وهو عبارة عن تأملات في الفكر والمجتمع وبحاجة للعقل الناقد الذي يستطيع أن يستوعب كل تلك الأفكار الواردة فيه ويحللها وينقدها لتطوير الفكر واعادة الثقة للذات وايقاظ الطاقات الإبداعية الكامنة فيها ومحاكمة القضايا التي تتحكم بالفكر وتطور المجتمع ، ولقد عجزت عن فهم تلك العبارات السابقة وتحليلها لأنني لا أملك العقل الناقد ولست بصاحب نظرية نقدية وكل ذلك بسبب المناهج التربوية التي لم تعلمني الفكر الناقد أو أدواته وأساليبه وأسسه العلمية لذلك لا أستطيع كشف ماوراء تلك العبارات السابقة من دلالات ومعاني ومقارنتها بواقعنا التربوي المعاش ولا أستطيع تحليلها والخوض فيها فرؤية الكاتب قد تختلف عن رؤيتي ورؤية النظام التربوي لذلك لا أملك إلا أن أقول المعنى في جوف الكاتب . وحتى عندما قرأت كتاب (ارتقاء المجتمعات الشرقية ) لمجموعة من الباحثين السوفييت لم استوعب أي شيء في ذلك الكتاب سوى عبارة واحدة تصرفت في إعادة صياغتها للتوضيح وهي: (....إذا كان المستشار الأجنبي يشغل المركز الأساسي في أي نظام فلا يمكن الكلام عن اكتمال الجهاز الوطني ) فالعبارة عميقة ولها دلالات وكنت أتمنى أن أسأل مجموعة الباحثين عن المستشار وعلاقته بالنظام التربوي مثلا . فهل المستشار له علاقة بتغيير المناهج أو تطويرها ؟ هل المستشارله علاقة بتعديل الفلسفة التربوية أو صياغتها ؟ هل المستشار له علاقة بأهداف التربية أو مضامينها ؟ هل المستشار له علاقة بوضع السياسات التربوية والأشراف عليها ؟ هل المستشار هو السبب في تدهور التعليم وضياع القيم ؟ تلك الأسئلة موجهة لمجموعة الباحثين ولا يشترط الإجابة عليها بالترتيب ، ويظل المعنى في جوف الباحثين وجوف القراء وجوف النقاد وجوف أولئك الذين يشرفون على النظام التربوي وجوف المستشار ويظل المعنى أيضا في جوف الشاعر على قولهم . وأي شاعر ؟!
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات