يا محطمي الأجيال كفى ضربا بالعصا!
بواسطة صحيفة البلد - 17/10/201
صفعتني في قلبي تلك الطفلة بصوتها المرتعش المخنوق، وعيناها الغزيرة الدموع: “يضربننا بالعصا”! كم من طفل يتيم، وكم من طفل محروم يعاني من مشاكل أسرية، وكم من طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يلتحق بهذه المدارس ويتعرض للضرب، التهديد، والتحقير من قبل المعلمات؟! كم من طفل نشأ كريماً وعزيزاً في أسرته وحطمنه بالتهديد و الضرب المبرح؟! لما كل هذا القهر والتعنيف؟! بل إن صوت ضمائرنا لا يريد أن يفهم لما، وإنما يريد حداً لكل هذا العنف!
عجباً بل سحقاً للأماني الحالمة الخارجة عن حدود الرقابة والتجربة التي جعلتنا نؤمن بالفكرة القائلة بأنهن الحاضنات والمربيات الأحن والأرحم على تلك القلوب الصغيرة. رباااه لطفك على كل جرائم الصمت التي ترتكب بحق الطفولة! لا أفهم أبداً كيف ترتكب الأسر المتعلمة في هذا الزمن جريمة الصمت الجماعي على جرائم التعدي على فلذات أكبادهم بالضرب المبرح والتحقير؟! لا أجد أي مبرر أو تفسير لهذا الصمت لسنوات!!
كيف بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يُعاقب بلكْمَة على رأسه بجرم أنه يصلح “الكمة” أثناء الشرح؟ كيف بطفل في الصف الأول أن يضرب بالعصا من قبل المديرة في الطابور الصباحي أمام جميع الأطفال بجرم أن أظافره طويلة أو بأنه لم يحلق شعره؟! كيف بأطفال مصابين بمرض مزمن أو مؤقت أن يتم إخراجهم وقت الإستراحة من الصف المزود بالتكييف جبراً إلى ساحة المدرسة في درجة حرارة تفوق الأربعين، ويصاب البعض بحالة إغماء أو نوبة إعياء، في حين أن أبناء المعلمات في الغرف المكيفة لا يقفون مع بقية الطلبة؟! لما يضرب الجميع ويتم ترويعهم وتهديدهم بقص أصابعهم بآلة الكذب لكي يعترفوا على فعلة طفل واحد بسبب الإهمال؟! رباه هل هذه مدارس حلقة أولى أم عسكرية؟!! وأكثر من ذلك؛ لما يعود طفل بعمر الزهور خائفاً من أي صوت يسمعه ظناً منه أنه قد حان وقت آخر الزمان، وأن الصوت القادم هو صوت يأجوج و مأجوج؟!
كيف لهذه البراعم الصغيرة أن تتفتح وهي غارقة في كل هذا القهر والألم والخوف في هذا العمر المبكر؟ كثيرٌ هذا الشقاء على هذه القلوب الصغيرة التي ما ارتكبت جرماً سوى طلب العلم. والله كثيرٌ هذا الشقاء والألم على هذه القلوب الصغيرة!! ألا يكفيهم تخلف الخدمات المقدمة؟! الغصة تخنق الكلمات قبل الحلق! رباااه لطفك .. لا أخاطب العقول بل أخاطب القلوب والضمائر على أمل أن تلامس هذه الكلمات ذرة من الإحساس والإنسانية إن وجدت!
بتفتح هذه البراعم الصغيرة وإزهارها يزهر الوطن. نعم يزهر الوطن فلا تسحقوها بأقدام ضمائركم المستريحة. لا تخنقوا تغريدها بالقسوة وتحولوه إلى عذابات وبكاء، وما أدراكم ما بكاء الطفل المقهور! فهو ليس لحظيٌ وينسى كما توهمكم أبصاركم، بل هو أزلي. فإذا ما بكى قلب الطفل قهراً سيظل كذلك حتى المشيب! لا تقتلوا عقولهم الصغيرة بالخوف فليس كمثل الخوف ما يعيق العقول! لا تكسروا سواعدهم الناعمة بالعصا فيَنْمُون محبطين وعاجزين عن البناء والحب أيضا!
لا تظنوا بأن هذه الأجيال ستغفر لكم توريثها العجز، الظلم، الكراهية، العنصرية، العنف والقهر بعذر أنكم أبناء هذه المخرجات؛ فهو وربي عذرٌ أقبح من الذنب!
سلامٌ على وطن يستيقظ على صوت دقات قلب طفل صغير مشحون بالخوف الإحباط والكراهية.
الهامش:
*هذه الكلمات ليست للتعميم بل للتعبير عن صرخة جرح الطفولة في وجه العنف الذي مازال يمارس في بعض المدارس الحكومية.
عذراء حمود
صحيفة البلد الالكترونية
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات