
إن الإنسان بشكل عام يحب القصص فلا يوجد إنسان لا يحي القصص صغيرا كان أو كبيرا ذكر كان أو أنثى ويدلنا على ذلك أنه في الزمن الماضي حينما لم تكن وسائل الإعلام متوفرة كان القصاص ينتشرون في مختلف أصقاع العالم ففي العالم الإسلامي مثل وجد المحدثون ووجد القصاص فكان المحدث يجتمع حوله عدد يسير من الأفراد لكن الواعظ الذي يكثر من ذكر القصص يجتمع حوله في بعض الأحيان آلاف مؤلفة كما هو الشأن عند ابن الجوزي أو غيره من الوعائظ الذين اشتهروا بكثرة قصصهم


ولست هنا في معرض الموازنة بين فئتين ولكني أحببت أن أؤكد على أن حب القصص أمر فطري جبلي عند الإنسان والطفل بشكل خاص يحب القصص أكثر من أي أمر آخر فمع كثرة الإصدارات الإعلامية والتربوية ومع تطور وسائل الإعلام الموجه إلى الطفل إلا أنه لم يوجد إلى الآن ما ينافس القصة ولذلك فإنه ينبغي أن نتخذ من قصص القرآن وسيلة لربط العلاقة بين الأطفال وبين القرآن الكريم
كل قصص القرآن فيها تشويق وإبهار لكن الأطفال يحبون قصصا أكثر من غيرها ولعل أكثر ما ينتشي له الطفل في سنواته الأولى قصص الحيوانات فلنقص له إذن قصة سليمان مع النملة وقصته مع الهدهد وقصة أصحاب الفيل وقبلها جميعا قصة نوح ( عليه السلام ) إن قصة نوح لم تذكر حيوانا بعينه لكنها ذكرت أمر الله لنبيه بأن يحمل في سفينته زوجين من كل حيوان { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن ءامن } يحب الأطفال تعديد الأسماء التي يعرفونها وهذه طبيعة خلقها الله في آدم و ورثها بنوه من بعده فيحسن أن نتيح لهم تعديد أسماء الحيوانات التي ركبت مع نوح في السفينة وسنجد أنهم يستريحون في ذلك التعديد ويتنافسون

ثمة قضايا جاءت في القرآن الكريم بغير أسلوب القصص مثل الأمر بالتفكير في ملكوت السماوات والأرض ومثل آيات الأحكام وقضايا الأخلاق ولأن الأطفال مولعون بالقصص فينبغي أن تؤلف لهم كتب تتخذ من القصة مصيدة تستدرج نفوسهم المدبرة إلى تلاوة هذه الآيات وإعمال النظر في معانيها .
اســـتــمــعــوا إلــــيــه يــقــــص الـــقــــصـــص
إن الطفل كما يحب الإستماع إلى القصص يحب كذلك أن يستمع له وهو يقص القصص ولعل من أبرز أخطائنا التربوية حينما نحاور أبناءنا أننا نكون مرسلين طيلة الوقت ويكون أبناءنا مستقبلين طيلة الوقت إن الاستماع خلق إسلامي رفيع قبل أن يكون مهارة وإذا كان من حق الابن أن نعوده على الإستماع فإن من حقه أن نتعود على أن نسمع له ما يقول .


أولها : أننا سوف نستكشف إن كان الطفل قد فهم القصة كما وردت في القرآن الكريم أو أنه قد فهمها على غير النحو الذي وردت به إن المفاهيم ومعاني الكلمات والقاموس اللفظي الذي استخدمه القرآن قد تكون كلها فوق إدراك الطفل ولذلك لا نستبعد إذا استمعنا له وهو يحكي قصة من قصص القرآن أن نجد خطأ في فهمه وتصوره لبعض أجزاء تلك القصة فيكون ذلك الاستماع فرصة من أجل التصويب .
والأمر الثاني : أن الطفل إذا قص القصة لغيره فسوف تنفعل نفسه بأجزاء تلك القصة وبتفاصيلها إذا كان قد فهمها على وجهها الصحيح ويقصد من هذا أن الطفل إذا حكى قصة عن صراع بين الهدى و الضلال وبين الإيمان والكفر فإن نفسه تنفعل بتلك المعاني وتتشري بتلك التفاصيل ويقوده ذلك إلى الهداية ويبعده عن الضلال .

ثالثا : إن حكايته لتلك القصص تنمي لديه مهارة الحديث فالحديث مهارة من المهارات المهمة وتنمي عنده مهارة القص وهي كذلك مهارة نفتقدها في عالم أصبح فيه الأطفال مستمعين ومتلقين لما تبثه وسائل الإعلام وأصبحوا لا يجدون الفرصة الكافية من أجل أن يكونوا مرسلين .
ولعل من أبرز فوائد الاستماع إلى الطفل وهو يقص قصص القرآن أن القص يعتبر مدخلا أساسيا للانتقال بالقاص من مجرد الحفظ إلى مرحلة أعلى وهي مرحلة الفهم والتدبر فقد يعرف الطفل تفاصيل القصة إذا استمعها لكنه إذا قصها لغيره فسينقدح في ذهنه معنى من المعاني التي لم يكن يدركها من قبل وذلك يقوده إلى الغوص وإلى التدبر في معاني ما يقرأه من قصص القرآن الكريم .
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات