لماذا نشتري أجهزة الذرّة ؟
للدكتور حافظ الشحي - جامعة السلطان قابوس
- انتشرت بين الناس هذه الأيام الحواسيب المحمولة الصغيرة (Netbook) التي عادةً ما تأتي بمعالج من نوع أتوم (Atom) أو الذرة رغم محدودية مواصفات هذه النوعية من الأجهزة. الملاحظ في هذا الجانب أن الغالبية الكبرى ممن يشترون هذه الأجهزة يقومون ببيعها بعد مدة وجيزة من الشراء لا تتجاوز في أحسن الحالات العام من وقت الشراء. فلربما كان أكثر المحفزات لشراء هذه النوعية من الحواسيب هو السعر أولاً ومدة عمل البطارية ثانياً وربما خفة وصغر الوزن ثالثاً. فإن كانت هذه العوامل هي من أهم ما تتسم به هذه النوعية من الأجهزة، فما هو سبب التسارع في بيعها بحيث يندفع البعض لبيعها في غضون أشهر معدودة فقط؟ من جانب آخر، نرى اليوم تهافت العديد من كبرى شركات التقنية في انتاج نماذج ومنتجات جديدة من هذا النوع بالإضافة الى استمرار شركة انتل (Intel) في تصنيع المعالجات المستخدمة فيها. الأمر الذي قد يجعل البعض يظن أن ذلك يبشر بمستقبل مضيء لهذه النوعية من الأجهزة. في رأيي الخاص أرى العكس تماماً، بحيث إن مستقبل هذه النوعية من الأجهزة وأقصد هنا بالتحديد تلك التي تستخدم معالجات الذرّة لا يبشر بالخير وقد بدأ ناقوس الخطر والتراجع يقرع ببطء، تابع معي وستعلم لماذا؟
بدأت شركة انتل بإنتاج المعالجات من نوع أتوم مع مطلع عام 2008 بهدف توفير معالجات بحجم صغير ذات استهلاك أقل للطاقة وبسعر رخيص يمكن استخدامها من قبل الأجهزة المحمولة الصغيرة من أمثال النيت بوك والهواتف المحمولة. ليس ذلك فحسب، فقد عمدت أيضاً شركة انتل الى دمج متحكم الرسومات (Graphics) والفيديو (Video) والذاكرة (Memory) في المعالج نفسه لتجعلها أكثر كفاءةً للأجهزة الصغيرة التي عادةً ما تخدم ميزة التجوال عند المستهلكين. من هنا نستنج أن عامل الحجم والسعر ومدة عمل البطارية هي أهم عوامل نجاح مثل هذه المعالجات. طبعاً عندما بدأت شركات التقنية بتصنيع حواسيب الذرّة الصغيرة بدءاً بشركة أسوس (Asus) ومنتجها ايي بي سي 700 (EeePC700)، بدأ الإقبال الكبير على هذه النوعية من الأجهزة نظراً لصغر وخفة حجمها وسعرها المتدني بالمقارنة مع أجهزة اللابتوب المعهودة. غالباً ما تبع عمليات الشراء هذه الشعور بخيبة الأمل نظراً لمحدودية الأداء والمواصفات في هذه الأجهزة كما هو معروف اليوم لدى الكثيرين من محبي التقنية. في الوقت نفسه، صاحب ذلك تطور بطيء نسبياً في معالج الذرة من قبل شركة أنتل اذا ما قورن بتطور المعالجات الخاصة بالحواسيب المحمولة الأخرى من نوع اللابتوب. فاليوم مثلاً نجد أن من آخر المعالجات من نوع الذرة (Z560) يأتي بسرعة 2.13 جيجاهيرتز في معالج أحادي النواة فقط، قارن ذلك بأحدث معالجات أجهزة اللابتوب (i7 core 2nd generation) التي تأتي اليوم بمعالجات رباعية النواة وبسرعة 2.5 جيجاهيرتز.
يعتقد الكثيرون اليوم أن مبيعات أجهزة الذرّة على وشك التراجع لعدة أسباب منها المنتج الجديد من شركة موتورولا المسمى أتريكس (Atrix) الذي أحدث ضجةً كبرى عند تدشينه في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) في مطلع هذا العام الذي يعد بمزيد من المنتجات المشابهة. فمنتج الأتريكس من موتورولا هو الهاتف المحمول الأول في العالم الذي يأتي بمعالج ثنائي النواة من نوع (Dual-Core) وبسرعة 1.0 جيجاهيرتز. مما يعني أن المنافسة قد اشتدت في مجال المعالجات الصغيرة ووصلت الى مستوى ثنائي النواة (أي معالجين في قلب واحد) هذا طبعاً في قطاع أصغر وأخف وزناً من أجهزة الذرة. الأمر الذي قد يبشر بمنتجات منافسة لأجهزة الذرّة الحالية من ناحية الوزن والحجم وربما بمعالجات أقوى. صحيح أن شركة انتل قد قامت في شهر أغسطس الماضي بتدشين معالج ذرّة ثنائي النواة وبسرعة 1.5 جيجاهيرتز بالإضافة الى المعالجات الأخرى الحديثة الأسرع نسبياً ولكن عامل السعر اختفى هنا تقريباً بحيث أصبحت أسعار أجهزة الذرّة الجديدة مقاربة جداً لأسعار بعض الحواسيب المحمولة ذات المواصفات الأكبر. فعند النظر اليوم في أسعار الحواسيب في السوق العماني مثلاً نجد تقريباً أرخص حواسيب الذرّة بسعر 120 ريالا، هذا طبعاً لأقل الأجهزة من حيث المواصفات.
نقصد هنا سرعة 1.6 جيجاهيرتز وذاكرة عشوائية بسعة 1 جيجابايت وربما قرص صلب بسعة 250 جيجابايت. بنفس هذا السعر يمكننا الحصول على محمول مستخدم قليلاً وبسرعة أكبر من خلال معالج من نوع كور 2 ديو (Core 2 Duo) أو كور ديو (Core Duo) وبمواصفات أفضل. الأمر الذي يعطي المستخدم القدرة على العمل على برامج أكثر وبأداء أفضل من معالجات الذرة. أضف الى كل هذا الإقبال الكبير من قبل شركات التقنية والمستهلكين على تصنيع وشراء الأجهزة اللوحية (Slate) أو الدفترية (Tablet) وتدني سعرها وتطور مواصفاتها، فلماذا يا ترى نشتري أجهزة الذرّة؟.
أهم عشرة تقنيات قادمة بقلم الدكتور حافظ الشحي
على هذا الرابط :
http://www.musandam.net/vb/showthread.php?t=49
المفضلات