فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين : الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها السعادة يوم نلاقيه ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى ، وسلم تسليمًا كثيرًا . أما بعد : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيام : ( إذا رأيتموه - أي : الهلال - فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ) . أي : عدة شعبان ثلاثين يومًا ، أو عدة رمضان إن كان ذلك في آخر الشهر ثلاثين يومًا ، فمن رآه منكم ليلة الثلاثين من شعبان فإن عليه أن يبلغ الجهات المسؤولة ؛ حتى يكون سبب خير للأمة الإسلامية ، فتصوم يومًا بشهادته ، ولا شك أن من دل على خير فهو كفاعله ، ولا يجوز للإنسان أن يتأخر عن الشهادة إذا شاهده يقينًا ؛ لأن الإخبار بذلك فرض كفاية ، لا يعتمد أحد على غيره في هذه إذا كان ممن رزقه الله قوة النظر ، ومعرفة بمنازل القمر .
ولقد نهى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يتقدم الإنسان رمضان بصوم يوم أو يومين ، فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم ولا يومين ، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه ) . يعني بذلك : من كان من عادته أن يصوم اليوم الذي يكون قبل رمضان بيوم أو يومين فليصمه ، فإذا كان من عادة الإنسان أن يصوم يوم الخميس مثلاً فصادف يوم الخميس قبل رمضان بيوم يومين فلا حرج عليه أن يصومه ، وكذلك من كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، فلم يتيسر له أن يصوم قبل آخر الشهر ، فلا بأس أن يصومه ، ولو كان ذلك قبل رمضان بيوم أو يومين .
ولقد سمعتم في الخطبة أن من أدى عمرة في رمضان فكمن أدى حجة ، ولكن لابد أن تكون العمرة من إحرامها إلى انتهائها في رمضان ، فمن أحرم بها قبل غروب الشمس من آخر يوم من شعبان ثم أتى بأفعالها في رمضان فإنه لا يعد قد أتى بعمرة في رمضان ، ولذلك من أراد أن يدرك هذا الأجر فلا يحرمن من الميقات إلا بعد أن يثبت دخول شهر رمضان ، وكذلك في آخر الشهر ، لو الإنسان أحرم قبل غروب الشمس آخر يوم من رمضان وأدى بقية أعمال العمرة في ليلة العيد فإنه لا يعد أتى بعمرة في رمضان .
المفضلات