ما أسوأ سكرات الغفلة التي تجعل من الانسان يغتّر في لحظات قوته أيا كان مصدرها ، فيشعر أنه بات وحده محورا للكون وكأن غيابه سيجعل من عجلة الدنيا من بعده تقف الى الأبد دون حراك ، وهو لا يعلم كم من العظماء قد مضوا وتجاوزتهم الأيام قفزا الى الامام ولم تلتفت اليهم ذاكرة التاريخ الا بمقدار ما تركوا من أثر طيب !
ولكم لعنت تلك الذاكرة سوءات ما خلفه الذين أفسدوا ودمروا وركبوا موجة التعالي التي سقطوا من على سرجها المائل في هوات سحيقة هم من حفرها بيديه !
وما أنقى هنيهات التأمل حينما يعود الانسان لتذكّر أصله وقد أتى للفانية من ماء وتراب ليصبح لبنة صغيرة ليس الا في بناء الانسانية الزائل حينما يذوب في مطر الزمان الهادر لتجديد خصوبة الدنيا لخضرة جديدة من من سماد الفناء !
فيدرك أنه وان تصور نفسه كقطار يركض بعجلات الحلم على قضيب الأمل ، فان أنفاس الحياة هي أقصر بكثير عن خطوات التطلّع !
فقطار مشوار الفرد منا يبدأ دائما مندفعا مسرعا في السندات الصغيرة ، ثم يبدأ الوهن يدب في ماكينات دفعه حينما تكبر ارتفاعات العمر فتتأكل سنواته وتتراجع نبضات القلب عند صعود المحطات العليا ، بفعل صدأ الة الجسد و سقم خلايا العقل ومن ثم تأتي مرحلة المنحدر المؤدي الى حفرة النهاية المحتومة لكل الكائنات الحية !
ليبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ، حيث تصعد الى مستودعه الأمين كل الأرواح بخيرها وشرها ، ليحكم في مآلات آخرتها حينما تبعث الأجساد ، بعد أن نامت في جوف مصدرها عظاما نخرة !
فلما الغرور والتكّبر والتجّبر ، أيها الانسان ، حاكما ظالما كنت ، أو مستقويا بسلطان جائر !
فكم أنت ضعيف وحقير لو تعلم ، عندما تقف أمام حاكم لا تختل موازين عدالته أبدا !
انه المستعان ..
وهو من وراء القصد..
المفضلات