على حافةِ الألم
.
.
اقتربتِ ....
بدمعةِ هادئة
أستندت بـ ألمْ على
حافةِ بابٍ كانتْ
ولا زالتْ موطنَ
ذكرى باكية ..كئيبة
تنهدتُ طويلاً ..
أصدرَ المقبضُ أنينا
كعادتهِ ..
أضن أنهُ كانَ يبكي ..
حالهُ كحالِ أيِّ قطعةِ
شهدتْ الساعةَ
الثانيةَ عشرَ والنصفْ

من مساءِ يوليو/رمضانْ
قبلَ 3 أعوامٍ ..
بطيئة السيرْ..
لندرْ عقاربَ الساعةِ
للوراءِ قليلاً ..

قبلَ 12 ساعةْ من الحدثْ..
كعادتي دوماً أسامرُ القمرْ
أبوحُ لهُ بأسراري وأهديهِ
سواري المثقلَ بـ أمنياتِ
الطفولة ..

وعلى هامشِ الهمسْ
أخبرتهُ بخبرٍ ..
جعلَ إبتسامتهُ تتسعْ
حتى أنني شعرتٌ
بأنَ الحديقةَ من حولي
ترقصْ لأجلِ فرحهِ ..

[أيها القمرُ الجميلْ
جدي غداً مسافرٌ لأداءِ
عمرةِ رمضانْ ..]

لا لمْ أجن صدقوني ..
أحسستْ بـ القمرِ عندمآ
إبتسم .. بعدهآ أهديتهُ
قبلةً ..وغفوتْ ..
كـ أميرةٍ حالمة..
بغدٍ سَعيدْ..]

.
.
بينَ أريجِ الياسمينْ
بوسطِ حديقةِ الأحلامْ
تحتَ السحبْ ..
ابتسمتُ ليومٍ جديد
انتعلتُ حذائي الزَهري
ومعطفي الأبيضْ كـ بياضِ
قبعتي المزينةَ بـ اللافندرْ
وأمضي على دربِ الأملْ ..
تسبقني طيورُ الكناري
تغردُ معي نشيدَ الصباحْ

[~.. حُلمنا نهارْ..نهارنا عمل
نملكُ الخيار ..وخيارنا الأمل
وتهدينا الحياة أضواءً في آخر
النفقْ .. تدعونا كي ننسى ألماً
عِشناهْ ..نستسلم لكنْ لا ما دمنا
أحياءً نرزق ..مادامْ الأملُ طريقاً
فسنحيا ..~]

.
.
أرددهآ بلا ملل ..
كلْ يومْ ..كل صباح
وعلى أي طريقْ..

.

فتحتُ البوابةَ المُزهرةْ
بـ شقاوةٍ معتادةْ ..
ألقيتُ التحيةَ على
العصفور والياسمين
وكلِّ سًكانِ الحدائقْ..

بضعُ خطواتٍ صغيرةْ..
وصلتُ لـ موطني الدافئ

قبلةٌ على جبين جدي
واحتضانٌ طويلٌ لجدتي
وابتسامةٌ امتنانٍ لخالتي
وصورةٌ تذكاريةٌ للأمل
.
.
.
هدوءٌ يسكنُ الحديقةْ ..
لا شيء سوى
نحلة ناعسة..
تنتظرُ قيلولةَ الظهيرة ..
وشجرةٌ تقرأ كتابَ الحياةْ
.
.
خطواتٌ هادئةٍ مسرعة
لألبي نداءَ الجدةْ ..

جدتي قد غادرَ جدي
للمسجدْ بـ التأكيدْ
لأنني رأيتهُ يستيقظْ
قبلَ قليلْ..

وكـ العادة كانَ حدسُ
الجدةِ أقوى بـ كثير. .

فأمرتني بـ أنْ أذهبَ
مرةً أخرى للغرفةِ
لأتأكد من ذهابِ
الجدِّ إلى المسجدْ../
.
.
لبيتُ طلبهآ بـ ابتسامةٍ
معتادةْ .. أسرعتُ الخطى
غيرَ آبهة بما تحملُ تلكَ
الغرفةُ من وجعْ..]
.
.
فتحتُ المقبضَ بهدوءْ
على غيرِ العادةْ ..
لربمآ حدسُ جدتي قدْ
وصلَ إلي..
.
.
منظرٌ مريبْ..وشعورٌ
غريبْ تمالكني..
حينَ رأيتُ جَدي
ممداً بـ الغرفةْ ورأسهُ
على حقيبةِ السفرْ ..!
للبرهةِ الأولى ظننتُ
أنهُ نائم..
لكنْ عادتْ إليَّ ملكةُ التفكيرْ ..
كيفَسيكونُ نائماً يا نغمُ هكذا ..!

تقدمتُ بخطاً متثاقلة ..
ناديتُ بصوتٍ خافت
بدأ يعلو تباعاً..
جدي .. جدي .. جدي
استيقظْ للصلاةِ يا جدي
جدي ..ارتميتُ بجسدي
النحيلِ على الأرض
وبدأتُ أهزهُ بخوفْ
وهلع ..جدي ..جدي
بدأتُ أستنجدُ بـ الجميعْ
جدتي خالتي تعالوا
جدي. .جدي لم يستيقظ
جدي هناك لا يتكلم
بحروفٍ مبعثرة اختلطت
بـ الدموعْ ..

فجأةً انقلبَ المَنزلُ
من جنةٍ هادئة
إلى جحيمٍ مستعرْ مليء
بـ الصراخْ والدموعْ

انطلقتْ الاتصالاتُ
لبقيةِ أفرادِ العائلة
لا أزالَ أتذكرُ الموقف
كأنهُ البارحة ..
خمسُ سياراتْ متتابعةْ . . .
جميعها تومضُ بـ إشارةِ الخطرْ..
متجهةً إلى الطوارئ ...
وفي الجانبِ الآخرْ ..
أحفادٌ يبكونْ
قلبهمْ يحترقُ على جدهم
اللطيفْ ..المحبوبْ ..

بدأتُ هذياني الداخلي
جدكِ لمْ يكنْ يستيقظ
يا نغمْ ..كانَ فقطْ يتألم
ويتلوى .. بدونِ صوتْ
ألجمهُ الألمُ عن الصراخْ
عندما رأيتهِ يتحركِ حسبتهِ
يستيقظْ كان يتألمْ ..ضربتُ
رأسي بـ خفة وهمستْ كمْ
أنا ساذجةْ .. الأمر برمته
بسببي ..لو انتبهتُ قليلا
للاحظتُ ذلك ولكُنا قد
سارعنا في انقاذهِ
لكنكِ لم تنتبهي
ومضى الكثير من الوقتْ
ولولا حدسُ جدتكِ..
لما لاحظنا ذلكْ..

تداركتُ الموقف واردفتْ
استغفرُ الله ما بالي هكذا
كله قضاءٌ وقدرْ شفاكَ
الله يا جدي شفاكَ
الله .. وبدأتُ أرتلُّ الدعاء
لخالقِ السماواتْ..!

حلْ المساءْ.. سمعنآ
صفيرْ حافلةَ العمرةْ
استغرقنآ بـ البكاءْ
خاطبناهمْ قائلينْ:
جدنآ النائمْ في المشفى
كانْ من المفترض أن
يكونَ بينكمْ الآنْ..!

مضتْ أيامْ..ولا طعامَ
يؤكلْ.. ولانومَ يهنأ
الأخبارُ السيئةْ تأتينا
تباعاً ..~
جدكمْ أصابَ بـ سكتةٍ دماغيةْ..!
جدكمْ دخلَ بغيبوبةْ ..!
جدكمْ لا يعرفنآ ..!
جدكمْ فقدَ الذاكرةْ ..!
جدكمْ لنْ يمشي..!
ولنْ يتكلمَ بعدَ اليوم ..!

.
.
.
مضتْ الأيامْ.. ووضعَ
كلُّ فردٍ من هذهِ الأسرةِ
السعيدةْ كفهُ على كفِ الآخرْ
في سبيلِ شفاءِ الجدِّ العزيز
.
.

آه ..!
واليومْ مضتْ ثلاثةُ أعوامِ يا جدي
وها أنتَ تمشي كمآ لو كنتَ شاباً ..
وها أنتَ تعرفني
وهاهي ذاكرتكَ قدعادتْ ..

~*مضتْ ثلاثةُ أعوامِ يا جدي
وبدأتَ تنطقُ الكلماتْ

~*مضتْ ثلاثةُ أعوامِ يا جدي
ومازلتَ بروحكَ المرحة اللطيفة
المحبةِ للخيرْ..

~*مضتْ ثلاثةُ أعوامِ يا جدي
ومازلتُ تلكَ الفتاةَ الهادئةْ، المتفائلة

و مضتْ ثلاثةُ أعوامِ يا جدي
وما زلتُ أحبكْ..}
.
.
.
لنُرجع عّقاربِ الساعةِ إلى اللحظة ..!
ها أنا هنآ أسترقُ النظرَ
لتفاصيلِ الحادثةْ
دمعةٌ ساخنةْ تُحرقُّ وجنتي
أغلقتُ البابَ بهدوءْ..

ورحلتْ..عنْ حافةِ الألم
بلا عودةْ../


.
.

الأحداثُ منْ صُلبِ واقعٍ أليمْ ..]
الحمدُ لله حمداً كثيراً على كلِّ حالْ..~
دعواتكمْ لـ جدي بـ الشفاءْ..#
.
.

حررَ على عتبةِ بوابةِ الألمْ..
أسفلَ الغيومْ ..
بـ جانبِ ذكرىً أليمة..



نغم..]



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..