وداعاً رمضان، نقولها وقلوبنا من ألم الفراق تتفطر، ودموعنا في المأقي تتحجر، فيا عجباً لحال الدنيا، فما أسرع مرور الأيام وتعاقبها، وانقضاء السنين وتلاحقها، فقد كنا في لهفة ننتظر قدومه، نستبشر برؤية هلاله، وفي اشتياق للأنس به، وها نحن في أخر أيامه، يغادرنا بعد تصرم أيامه ولياليه، فقد مضى بنا سريعاً بخيراته وبركاته، حتى أننا في ذهول لمغادرته ومفارقته، وأفول هلاله وانقضائه.
وإن المتأمل لحال الصالحين عند وداعهم لرمضان، يجدهم في خوف ودعاء، خوف من رد العمل، ودعاء بالقبول من ذي الجود والكرم، لذا كان سلف هذه الأمة عند خروج رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان، خوفاً من رده!!


ورمضان هذا العزيز الذي يغادرنا، كان فرصة ثمينة لاحت لمن أحسن استغلاله، لأحداث تغيير إيجابي في حياته، ومع وداعنا له، وتلمسنا لحصول تغيير في بعض جوانب حياتنا، كان لزاماً أن يكون هذا التغيير مستمراً لا منقطعاً؛ لتكون نتيجته هي الباقية حتى بعد رمضان، وهذا هو الجانب الأهم من مراحل التغيير، والذي يحتاج إلى بذل الجهد للاستمرار في ثباته.

ومن أعظم ما يتبع به شهر رمضان من الطاعات، صيام الست من شوال، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدّهْرِ )) .
فالحمد لله أن مد في آجالنا وبلغنا شهر رمضان، ونحمده أن منَّ علينا بنعمة التمام، ونسأله القبول لصالح الأعمال، وأن يحسن لنا الختام.

وليكن وداعنا لرمضان بداية لصفحة جديدة مع تغيير مستمر مع النفس، ولنسأل الله في ختام هذا الشهر الثبات على الأعمال الصالحة.
فالثبات على الطاعات والقربات بعد رمضان من العلامات التي عدها العلماء لقبول العمل.



الصور المرفقة



*** منقول ***