انقل لكم مغامرة شانج
سأل أستاذ مادة اﻹعﻼم الرقمي في سنغافورة طﻼب فصله أن يستعرضوا قائمة المكالمات الصادرة من هواتفهم المحمولة خﻼل أسبوع. ثم طلب منهم أن يحصوا كم مكالمة أجروها مع والديهم. وظهرت النتائج كما توقع اﻷستاذ السنغافوري، جي شانج.
معظم المكالمات وحتى الرسائل التي صدرت من أجهزة طﻼب الفصل، الذين يبلغ عددهم 21 طالبا وطالبة، موجهة إلى أصدقائهم وزمﻼئهم، والنزر اليسير فقط إلى والديهم وأغلبها لم تتجاوز دقيقة واحدة.
حينها رأى اﻷستاذ أن يقوم بإلغاء محاضرة في اﻷسبوع من أصل ثﻼث محاضرات؛ كي يستثمرها طﻼبه في التواصل مع آبائهم بأي شكل يرغبون فيه. سواء كان بالكتابة إليهم، أو بدعوتهم على فطور أو كوب قهوة أو أضعف اﻹيمان بمكالمتهم خﻼل وقت المحاضرة الملغاة. وطلب من الطﻼب أن يقوموا بتقديم تقرير من ألفي كلمة بالصور يتناول تجربة كل طالب مع والديه على حدة مع نهاية الفصل الدراسي. وتكون نسبة هذا التقرير نحو 30 في المائة من الدرجة اﻹجمالية من المادة.
ورغم استقﻼلية اﻷستاذ الجامعي في سنغافورة وإتاحة الفرصة له لتوزيع درجات المادة وتغيير المنهج وفق رؤيته وخبرته إﻻ أن ما قام به البروفيسور شانج أزعج رئيس قسمه وحاول أن يتدخل في تغيير طريقة توزيع الدرجات ناهيك عن عدم السماح له بإلغاء إحدى المحاضرات اﻷسبوعية كون المبرر غير منطقي حسب رئيس القسم.
لكن شانج أصر على رأيه مهددا باﻻستقالة إذا تم تقويض صﻼحياته وتحجيم دوره.أذعن رئيس القسم في النهاية لرأي شانج بعد صراع طويل خﻼل الفصل حسمه عميد الكلية بالسماح ﻷستاذ المادة بإجراء أي تغييرات على المنهج يرى أنها تعود إيجابا على الطالب والجامعة.
لكن الرد اﻷبلغ جاء عندما قام اﻷستاذ شانج بعرض مقطع فيديو بعد نهاية الفصل استعرض من خﻼله المبادرات التي قام بها طﻼبه في سبيل التواصل مع آبائهم طوال الفصل وعرضه أمام إدارة الجامعة. وكان من بينها مبادرة ﻻفتة قامت بها إحدى طالبات فصله وهي اتفاقها مع مقهى سنغافوري يمنح كوبي قهوة وكعكتين مجانا ﻷي شخص يأتي برفقة والده أو والدته إلى المقهى. في البداية تكبد المقهى خسائر جمة كون أغلب الزبائن صاروا يأتون برفقه آبائهم. يشربون القهوة ويلتهمون الكعك ويغادرون، بيد أنه سرعان ما انتشر اسم المقهى في أرجاء العاصمة السنغافورية وظفر المقهى بزبائن أكبر إثر تغطيات القنوات التلفزيونية والصحف التقليدية ومواقع التواصل اﻻجتماعي خﻼل شهور قليلة. وحظي المقهى بدعم العديد من رجال اﻷعمال والمؤسسات الخيرية، الذين رأوا أن هذه المبادرة تؤسس لعﻼقة أعمق وتواصل أكبر بين آباء وأبناء سنغافورة.
قام البروفيسور شانج بدور اﻷستاذ الحقيقي، الذي جعل من مادته محطة ﻻ تنسى في تاريخ طﻼبه. عرض حياته اﻷكاديمية للخطر، لكن هدفه السامي جعله ينال التقدير واﻻمتنان.
إن اﻷشخاص الذين ﻻ يغامرون في سبيل أهدافهم لن يذكرهم التاريخ. سيعبرون كما عبر غيرهم. لن يتركوا أثرا أو تأثيرا. في حين أن اﻷشخاص الذي ضحوا وغامروا هم من فازوا بالتقدير والتأثير واﻹلهام.
عندما نقوم بأعمالنا بشكل ميكانيكي روتيني سنصبح مثل اﻵﻻت، بينما عندما نقوم بأعمالنا على نحو مبتكر وجريء سنصبح مبدعين.
إذا آمنت وأحببت ما تقوم به ستحقق ما تريد وربما تحوز أشياء ﻻ تنتظرها ولم تتوقعها.
يقول الفرنسي سارج أروش الذي فاز بنوبل في الفيزياء عام 2012: “أكذب عليكم إذا قلت لكم إنني كنت أتوقع فوزي بالجوائز عندما قررت أن أخوض غمار تجاربي في الفيزياء. لكني كنت سعيدا ومؤمنا بما أقوم به. هذه السعادة هي التي جعلتني أتجاوز التحديات العديدة وأفوز باﻷلقاب واﻻحترام”.
قوموا بأشياء تسعدكم مهما كان اﻷلم؛ لتقبضوا على أشياء تتمنونها وأخرى لم تحلموا حتى بها.
دمتم
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات