::
::

مِن جُنبَات أَزِقَة القَلبِ الطَّغْمُ يَنبَثِق

فَيُغرِقُ مَا تَبقَى مِن جثمَانِ أُمنِيَاتِي
ويَنزِعُ كُتَيبَات أَدعِية الفُؤادِ المُتَقوقِعَة
بَين حُفريَات الدَوَاخِل
فانعَزِلُ عَن البَشَرِيَة
بِلا انذِراف الدُموُع وانشِطَارهَا
حَتى اعتَاد الجَسَد وَضعِيَات الانفِرَادِ مَع النَفس
فوَجَدَها رَوائِعٌ مُسَطَرَه
كَطِفل مَحبُوسٌ مَع دُميَته فِي غُرفَة مُنِيرة
بِإنَارة خَافِتَة ذَهَبِية خيُوطهَا
فَيَرىَ العُذُوبَة فِي تِلك الدُمَية وكَأنَهُ
لَم يَسبَقَ أَن لاحَظَ بَدِيعَهَا لَحَظة
...
مَا لَبِثَ القَلبُ مَسجُونَاً إَلا وقَد هَرِمَت أَورِدَتُهُ
والخَدُ مُفَلطَح
أَدركَ أَنهُ وَحده
هُو و تِلك الأَزِقَة التِي أعتَاد أَن يَرى بِسَبَبِهَا
رَقصُ غِيضٍ شَعبِي لشعَيرَاته
وقُبعَات وَردِية فَقَدهَا أَصحبُهَا
حَتى القَوَارِير المَكسُورة اختَفَت
سَيبقَى مَسجُون مَحروم لِيَوم يَجهَل كَيف
سَيكُون مَصِيرهُ فِيه
حُرِيَة أَم حَبسٌ مُؤَبَد أَو حَتى إعدَام
...
كُل المُعَانَاة
إلَا أَن القَلْب لَم يَنسَى أَن يَتلَذَذَ بِطعْمِ الحَيَاة
فِي تِلك الزنزَانَة الضِلعِية
لَم يَنسَى أَيَام الخَرِيف فِيهَا و أَورَاقِهَا العَسْجَديَة
اليَابِسَة واختِرقُهَا بِفعلِ الرِيَاح شُبَاكه
والقَمَرُ كَحَل عَينَيهِ بِسوادٍ يُحِيطُ بِهِ
هَذا مَا استَردَ الروُح وأحْيَا الأَنفَاس وأَنبَذَ الطَغِينَة
وقَرارُ الحُكمِ لَا يَزالُ مَجهُولاً
حَتى لَيلَة قَمَرِيَة اصدِرَ قَرارُ الإعفَاء
سَوفَ يَخرجُ القَلبَ مِن السَجن
ولَكِن يُجر حَتى يُزَج بِعُنُقِه وَسطَ حِبَال إعدَاميِه
لَم يَبكِي بَل الابتِسَامة تُغطِي نِصفَه
قَبلَ المَوت بِثَوانِي
العُيون فِي السمَاء تَبحثُ بِحَيرة
أَين هُو القَمَر .!
حَتى ظَهَر القَمَر مِن خَلفِ ظِلال السُحب
فَيشهَد يَومَاً أَشدُ سَواداً مِن بَحرِه
...
ويَبقَى العَيشُ فِي حُجرَةِ كآبَة الخَرِيف
مَصدَرُ وَحِي الجَمَال المُستَعظَم
والأَسوَدُ رُغم قتَامَتِه واكْفِهْرَارُه ومَزجِ أطيَانه
إِلا أَنَه أَروَاحٌ خَلابه لَبِسَهُا القَمَر مِعطَفاً لَهَ
هَذا مَا نَطَقَه لِسَان القَلبِ قَبل الإعدَام
وهَذهِ شَذرَاتُ ذِكرَاه

::
::



*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..