في هذه المرة أطرح تساؤلي كمقدمة لموضوعي:
حسب مؤشرات نتائج طلبة السلطنة في اختبارات تيمس 2007 وتيمس 2011، أين المشكلة؟ وما هو الحل الأمثل؟ وكيف يكون الإجراء المناسب لتفعيل الحل قبل تيمس 2015؟
للإجابة على هذه التساؤلات فإنني أدعوكم إلى إعادة قراءة موضوعي السابق الذي ورد بشكل سردي في قسم 'منتدى الإدارة العليا' بعنوان "قراءة في نتائج "تيمس" بين اليوم والأمس":
فبعد صدور تقرير الجمعية الدولية لتقويم التحصيل التربوي المشرفة على دراسة تيمس والمسماة إختصارا "IEA" حول نتائج طلبة الدول المشاركة في دورة تيمس 2007 حينها صرّح أحد المسئولين القائمين على هذه الدراسة في وزارة التربية والتعليم حسب الموضوع الذي تضمنته صحيفة عمان بتاريخ 16/12/2008م بعنوان "مراكز متقدمة" بأن أداء طلاب السلطنة في الاختبار التحريري كان جيدا حيث حقق طلابنا في كل من مادة العلوم ومادة الرياضيات للصف الثامن المركز الثاني من بين دول الخليج، وهنا يمكنني تناول هذا التصريح من عدة أبعاد:
أولاً: هذا التصريح قد يتقبله البعض حينها بحجة أنها المشاركة الأولى للسلطنة في مثل هذه الدراسات في تلك الفترة وخاصة لأولئك الذين ينظرون إليها من زاوية ضيقة جدا وفي حدود إقليمنا الخليجي وكأنها مسابقة كأس الخليج لكرة القدم حيث الترتيب "الثاني" مقبول جدا ، ولكنها أيها المسئول أو بالأحرى أيتها المسئولة هذه هي منافسة دولية في التحصيل الدراسي في أهم مواد العلوم التطبيقية التي تبني عليها الدول تقدمها العلمي وانعكاسه على التقدم الصناعي والإقتصادي ألا وهي مادتي العلوم والرياضيات مع الأخذ في الاعتبار أن مؤشرات التقدم أو التراجع التعليمي لهذه المواد سوف يؤثر بشكل مباشر على المجالات الأخرى. لذلك فإستشعار المشكلة فقط مع تسويف العمل الإجرائي للعلاج لا يسمن ولا يغني من جوع في القضايا التربوية كما أن الحلول الإجرائية الحقيقية هي التي توجه في الأساس لعلاج وتطوير المدخلات والعمليات التعليمية وليس في نواتجها لذلك للأسف تختزل التوصيات وكل الجهود في تطوير إجراءات إعداد وتطبيق ورصد وتحليل الاختبارات ذاتها وننسى إن هذه تعتبر خطوة محدودة جدا وحلقة أخيرة في سلسلة العلاج الفعّال. ولو رجعنا لنتيجة السلطنة حينذاك (تيمس2007) لوجدنا ترتيب طلبتنا بين طلبة 56 دولة مشاركة في اختبار الصف الثامن هو 43 في مادة العلوم بينما 48 بالنسبة للرياضيات. لذلك كان المؤمل أن تستنفر الجهود ليس بهدف رفع التقدير والتقدم في الترتيب بين دول العالم في "تيمس2011" ولكن لأن المؤشر الدولي قد أكد مصداقية جميع المؤشرات الوطنية المتعلقة بالتحصيل الدراسي والتي تم تجاهلها خلال العقد الأخير حول التدني الملحوظ في مستويات أداء طلبة السلطنة وهذا ما أثبتته الدراسات والبيانات الإحصائية لأدوات التقويم المحلية ومنها الاختبارات التشخيصية والتنافسية والإختبارات التحصيلية الختامية المعدّة مركزيا على مستوى الوزارة أو المحافظة في مختلف الصفوف وفي جميع المواد الدراسية. بعبارة أخرى، إن مؤشرات التراجع في التحصيل الدراسي قد تم رصدها مبكرا قبل دراسة تيمس 2007 بل قد لا يكاد تخلوا نتائج وتوصيات أي فعالية أو دراسة تربوية تقييمية من الإشارة إلى جوهر المشكلة وحلول علاجها إلا أن المشكلة الحقيقية تتمثل في بتر الجهود وعدم تفعيل خطة العمل المتكاملة والتوقف عند النتائج وحفل التكريم لتبدأ حلقة جديدة ومكررة من البرامج والمشاريع التربوية واستجلاب بيوت الخبرة والتي عادة ما تستند إلى الإحصائيات المتوفرة وهذا في حد ذاته سوف يضاعف من قضية الإهدار التربوي. لذلك على القائمين على التعليم أن يدركوا بأن كل جهودهم بما يصاحبها من وثائق وفعاليات تربوية فهي في حد ذاتها المشكلة الأكبر لأن العائد سوف يكون محدودا مقارنة بما ينفق من مال وما يبذل من جهد وما يستهلك من وقت مع العلم بأن ليس كل جديد معيارا للتطوير.
ثانياً: هل هناك دولة خليجية أو حتى عربية مشهود لنظامها التعليمي بالتميز أم أن حقيقة المقارنة تقودنا إلى المثل العماني "سيما خت مقزّح"؟
إذا لماذا دائما نقارن نتائجنا في مستوى هذا الإطار الضيّق ولا نضع لأنفسنا طموحا أكبر للوصول بالمستوى الوطني لطلبتنا إلى المستويات المتقدمة ولو الاقتراب من المتوسط الدولي لدراسة تيمس والمقدر حاليا بـ (500 نقطة) والذي لم تحققه أي دولة عربية حتى الآن! مع العلم أن دراسة تيمس مرت بخمس دورات منذ أن بدأت في 1995م وحتى الدورة الأخيرة في 2011م.
ثالثاً: ومن جهة أخرى وبعد ظهور نتائج تيمس 2007 ما هي الخطط الإجرائية الحقيقية التي وضعتها وزارة التربية والتعليم منذ ذلك الوقت؟ ليس بهدف رفع تصنيفنا في ترتيب "تيمس" كما أسلفت ولكن لعلاج المشكلات التحصيلية من جميع جوانبها على مستوى إعداد المعلم وبناء المناهج وتوظيف إستراتيجيات التدريس وأساليب التقويم لتنمية قدرات التفكير العليا لدى الطلاب وتهيئة بيئة التعلم بما يساعد الطالب على إكتساب المهارات وتوظيفها بشكل تلقائي في مواقف التعليم والتعلم اليومي المدرسية والمجتمعية النظرية والتطبيقية وهذا يستدعي بناء برنامج شامل ومنظم لليوم الدراسي وربط المحتوى النظري للمقررات الدراسية بعمليات العلم من خلال التطبيق العملي والإستقصاء العلمي مع العلم أن الحوافز المادية والمعنوية للعاملين في القطاع التربوي ومخرجاته من الطلبة يجب أن تكون مصاحبة لأي إنجاز لتحقيق مبدأ الاستمرارية الإيجابية والمنافسة الفاعلة.
رابعاً: منذ فترة ليست ببعيدة أصدرت الجمعية الدولية "IEA" تقريرها الدولي حول التحصيل الدراسي للدول المشاركة في دراسة تيمس2011 حيث أظهر التقرير أن السلطنة قد تراجع أداء طلابها تحصيليا مقارنة بنتائج تيمس2007. والسؤال الذي يطرح نفسه وفق هذا السياق:
ما هو البلسم لعلاج هذه المعظلة بتدني المستوى التحصيلي لطلبة السلطنة مقارنة بالمؤشرات العالمية حسب دراسة تيمس؟
هل السبب هو التقويم المستمر؟ أم النجاح التلقائي اللاعلاجي؟
هل.. وهل… تساؤلات كثيرة للوصول إلى حلول جذرية للصعوبات أو لتقليصها على أقل تقدير وفي الحقيقة هي ليست صعبة المنال ولكن علينا أن ندرك بأن هناك دولاً ضمن العشر الأوائل تفوقت في نتائج تيمس خلال جميع الدورات المختلفة مع العلم أنها تعتمد في تقويم تحصيل طلابها على التقويم المستمر (التكويني والختامي) إلا إنها على الرغم من تطبيقها للنجاح التلقائي فإنها قد ربطته بالعلاج المبكر للمشكلة الدراسية تعليمية كانت أو تعلمية بحيث لابد أن يجتاز الطالب الحد الأدنى من المعارف والمهارات في كل مادة لكل مستوى أو صف حتى لو أنتقل للصف التالي وهذا بالتأكيد يتطلب مستوى عالي من التنظيم للبرنامج الدراسي مع إشراك البيت في تفعيل البرنامج العلاجي وربما مؤسسات المجتمع المحلي الأخرى ذات الصلة والمجال لا يتسع هنا للتطرق إلى التفاصيل الإجرائية حول ذلك مع التسليم بأن مثل هذه البرامج الشاملة (والتي لابد منها لتطوير التعليم) تتطلب ظروف عمل غير عادية ولكنها ليست مستحيلة وخاصة إن هذه الأنظمة التعليمية تؤمن بأن ضمان العلاج لجوانب الإخفاق أفضل من معاقبة الطالب بالرسوب والبقاء في الصف لإعادة جميع المواد حتى التي نجح فيها. إذا مرة أخرى، ما هي المشكلة ما دام التقويم المستمر (وما يرتبط به من إنتقال الطالب للصف التالي) يعتبر نظاما مألوفا عالميا؟ في الحقيقة أن تلك الدول قد وجهت ميزانيتها وخبراتها في ضبط التقويم المستمر من خلال ضبط التقويم الداخلي للمدرسة بالإعتماد على نظام المراقبة الخارجية/الداخلية للتحصيل الدراسي (بواسطة أداة تقويم تعد خارج المدرسة وفي حدود الدولة) ومنها الاختبارات الوطنية في المقام الأول والتي يعتمد عليها في التشخيص وتقييم الممارسات التعليمية وإنعكاسها على عملية التعلم حيث تطبق في نهاية كل مرحلة دراسية (ثلاثة أو أربعة صفوف) وبالتالي توظيف مؤشراتها في التطوير والتدريب والتأهيل لجميع عناصر العملية التعليمية قبل الثواب والعقاب. كذلك تم ربط النجاح التلقائي بالإنتقال العلاجي والتفوق الإثرائي بمعنى آخر جندت جميع إمكانياتها المادية والبشرية، الأكاديمية والبحثية والإجتماعية والصحية في علاج الصعوبات التي يواجهها الطلاب مع رعاية المواهب وتوجيهها مبكرا لتخصصاتها المركزّة وفق برامج ومؤسسات وكوادر متخصصة دون إثقال معلم المادة الدراسية في الفصول الطبيعية بتبعات هذه الفئات ودون تشتيت الطلبة ذوي الذكاءات المركزّة والمهارات المحددة بالكم المعرفي الناتج عن تعدد المقررات الدراسية. بالإضافة إلى ذلك أنها ضبطت جودة جميع الفعاليات التربوية (المشاريع والتجارب والمنافسات) بمدى تأثيرها على تحسين المحصلة الأخيرة وهو التعلم مع المحافظة على ضبط المعايير الأساسية والتي تشكل الحقوق والمتطلبات اللازم توفرها للعمل التدريسي والإداري وما يتطلبه من بناء مدرسي يوفر بيئة محفزة لعمليتي التعليم والتعلم واعتماد الحوافز المادية وإقرار القوانين التي تضمن حقوق العاملين قبل تطبيق نظام المحاسبة أي أنها ضبطت جميع المتغيرات المستقلة اللازمة كمدخلات أساسية لضمان جودة العملية التعليمية ومن ثم المحاسبة على أي خلل في نتائج المخرجات والتي تشكل متغيرات تابعة ومتأثرة بما سبق. فبضمان حقوق الموظف وتوفير متطلبات بيئة العمل يمكن بعدها المحاسبة على أي تقصير من المعلم نفسه أو المدرسة أو المحافظة التعليمية وأي مسئول مهما كان مركزه في المؤسسة وحتى بالنسبة للطالب وولي الأمر وفي المقابل تقدير ومكافئة التميز مع التأكيد بأن جميع إجراءات المحاسبة والثواب تنطلق من القاعدة الأساسية لنجاح أي عمل مؤسسي وهي:
" ضمان الحقوق المتساوية للموظفين وتوفير متطلبات بيئة العمل الناجح مقدمة على المطالبة بالواجبات بل هي الأساس في ضمان تحقيق الواجبات والمحاسبة عليها كما أنها تحقق الثقة في إصدار أي قرار وتقبله من الآخر"
وهنا يمكن أن نصنف إجاباتنا للأسئلة الواردة في مقدمة الموضوع إلى ثلاثة محاور:
1- المشكلات
2- الحلول وإجراءاتها
3- المعوقات وكيفية تذليلها لتفعيل الحلول
... أنتظر مشاركاتكم لإثراء الموضوع
مع وافر الشكر والتقدير
*** منقول ***
لمتابعة أكثر خارج موقع مسندم.نت...
نرجو زيارة هذا الرابط (( بالضغط هنـــا )) ..
المفضلات