زكاة الفطر
تعريفها:
فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عند الفطر من رمضان.
قدرها:
صاع, والصاع أربعة أمداد, والمد: هو ملء اليدين المعتدلتين (أي: يدين متوسطتين, ليس بالصغير ولا الكبير).
قياسها بالوزن:
قدره العلماء بكيلوين وربع, يعني2250 جرام من الرز, وإذا زاد احتياطا فلا بأس, كأن يخرج كيلوين ونصف من الأرز, وطبعا يختلف قوت البلد من منطقة إلى أخرى, فقد يكون قوت البلد هو الأرز في مكان ويكون في مكان آخر هو البر أو العدس أو غيره, وهذا جدول لبعض الأنواع قدرها أحد العلماء المعاصرين مقارنة بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
العلة من إخراجها:
ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"
حكمها:
زكاة الفطر واجبة, والدليل حديث ابن عمر –رضي الله عنهما-: ( فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين) ، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما : (فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر طهرة للصائم وطعمة للمساكين).
على من تجب؟؟
كما في الحديث السابق فهي واجبة (على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين)
وقوله: (من المسلمين) خرج به من ليس مسلماً كاليهودي والوثني والنصراني وغيرهم، فلا تجب عليهم زكاة الفطر, ولأن الزكاة طهرة والكافر ليس أهلاً للتطهير إلا بالإسلام، فلا يطهره إلا الإسلام.
شروطها:
الأول: الإسلام.
الثاني: الغنى: وهو أن يكون عنده يوم العيد وليلته صاع زائد عن قوته وقوت عياله وحوائجه الأصلية, والغنى في كل موضع بحسبه.
وهل تخرج عن الذين لم يصوموا؟؟
نعم تخرج عنهم, للحديث السابق الذي فيه: ( والكبير والصغير), فهما وإن لم يصوما يخرج عنهما, حتى من كان في المهد، وحتى المرأة التي نفست جميع الشهر.
واختلف أهل العلم في إخراج الزكاة عن الجنين, فقال بعضهم باستحبابه, ومنع منه البعض, ومن قال بالاستحباب استدل بما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه أخرج عن الجنين, وإلا فليس فيه سنة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكن يجب أن نعلم أنّ عثمان رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباع سنتهم إن لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة تدفع ما سنه الخلفاء.
وهل يخرج عن الجنين قبل نفخ الروح أم بعده؟؟
والإخراج عنه قبل نفخ الروح فيه نظر؛ لأنه ليس إنساناً، قال تعالى: {{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}} [البقرة: 28] فهو ميت لا حياة فيه، فالذي يظهر لي أننا إذا قلنا باستحباب إخراجها عن الجنين فإنما تخرج عمن نفخت فيه الروح، ولا تنفخ الروح إلا بعد أربعة أشهر لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدوق قال: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ثم يؤمر بكتب أربع كلمات، رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد», فيستحب أن يخرج عنه وإن بلغ الأربعة أشهر خلال العشر الأخير من رمضان.
ولذلك قال العلماء: السقط قبل أربعة أشهر لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، وبعد أربعة أشهر يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين.
هل يلزم إخراجه عن نفسه وعمن يعول؟
قال بعض أهل العلم أن الرجل تلزمه زكاة الفطر عن نفسه وعمن يعول من الأبناء والعبيد, أما بالنسبة للأجير والعمال فإن كانوا تحت نفقته لزمه إخراج الزكاة عنهم, وإن كان من شرط العقد الذي بينهم أن لا ينفق عليهم فلا تلزمه إخراجها عنهم, بل قال بعض أهل العلم أنه إذا نزل عندك ضيف من بداية الشهر فأنت تنفق عليه طيلة الشهر, وهذا يعني أنه ممن تعول فوجب عليك إخراج الزكاة عنه.
إذا أخرج المرء عن نفسه وهو لازال تحت مؤنة غيره هل تجزئه؟؟
وهذا مثل الزوجة تلزم زوجها فطرتها، والابن تلزم فطرته أباه، وما أشبه ذلك, فإن أخرج مثل هؤلاء الفطرة عن أنفسهم بغير إذن من تلزمه فطرته فإنها تجزئ عنه.
مثال ذلك: الزوجة لو أخرجت عن نفسها بغير إذن زوجها أجزأتها، ومعلوم أن فطرة الزوجة واجبة على زوجها وليست على نفسها.
العبد:
أما زكاة الفطر عن العبد فإنها تجب على سيده لما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر) فيكون هذا الحديث مخصصاً لحديث ابن عمر فيما يتعلق بزكاة الفطر عن العبد، ولأن العبد مملوك للسيد لا يملك فوجب عليه تطهيره؛ لأنه لا يمكن أن يملك.
وإذا كان العبد بين عدد من الشركاء فكل واحد منهم يخرج منه زكاة بحسب سهمه فيه, مثال: عبد مشترك بين ثلاثة, للأول له فيه النصف, وللثاني الثلث, وللثالث السدس, فيخرج الشريك الأول عن العبد نصف صاع, والثاني يخرج عنه ثلث صاع, والثالث يخرج عنه سدس صاع.
المصدر : بتصرف وتعديل في العبارات حتى يسهل فهمه من كتاب (الشرح الممتع على زاد المستقنع) - المجلد السادس باب زكاة الفِطر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
هل يجوز إعطاء النقود بدلا من قوت البلد؟؟
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك, ونص السؤال كالآتي:
(حكم دفع زكاة الفطر نقودا .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم دفع زكاة الفطر نقودا .
والجواب: لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }, { إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } وقال هو في ذلك: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » ، وقال « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد »، وقد بين هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة: صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة »، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: « كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب »، وفي رواية « أو صاعا من أقط » . متفق على صحته . فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر، ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين -وخاصة مجتمع المدينة- الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم. وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه، وخاص بما ورد فيه، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف، ولا نعلم أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية، وقد قال الله سبحانه: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وقال عز وجل: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }, ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه لكونه مخالفا لما ذكر من الأدلة الشرعية، وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه).
من (مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله) (14/208)
متى تخرج الزكاة؟ وهل يجوز إعطائها لغير فقراء البلد؟
(س: بالنسبة للفطرة هل توزع على فقراء بلدتنا أم على غيرهم؟ وإذا كنا نسافر قبل العيد بثلاثة أيام ماذا نفعل تجاه الفطرة؟
ج: السنة توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد صباح يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز توزيعها قبل ذلك بيوم أو يومين ابتداء من اليوم الثامن والعشرين. وإذا سافر من عليه زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو أكثر أخرجها في البلاد الإسلامية التي يسافر إليها، وإن كانت غير إسلامية التمس بعض فقراء المسلمين وسلمها لهم. وإن كان سفره بعد جواز إخراجها فالمشروع له توزيعها بين فقراء بلده؛ لأن المقصود منها مواساتهم والإحسان إليهم وإغناؤهم عن سؤال الناس أيام العيد).
(مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله 14/214)
والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد.
المفضلات